وَكَذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ)) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ لِلْمُشْتَرِي (إِذَا) بِيعَتْ قَبْلَ أَنْ تُؤَبَّرَ
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ((الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الَّتِي يُخَالِفُهَا وَلَيُّهَا أَحَقُّ بِهَا
وَذَكَرَ الْمُزَنِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَفِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَتُسْتَأْمَرُ الْبِكْرُ فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا)) دَلَالَةٌ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الثَّيِّبِ وَالْبِكْرِ فِي أَمْرَيْنِ
أَحَدُهُمَا أَنَّ إِذْنَ الْبِكْرِ الصَّمْتُ وَالَّتِي تُخَالِفُهَا الْكَلَامُ
وَالْآخَرُ أَنَّ أَمْرَهُمَا فِي وِلَايَةِ أَنْفُسِهِمَا مُخْتَلِفٌ فَوِلَايَةُ الثَّيِّبِ أَنَّهَا أَحَقُّ مِنَ الْوَلِيِّ
قَالَ وَالْوَلِيُّ ها هنا الْأَبُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ دُونَ سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ
أَلَا تَرَى أَنَّ سَائِرَ الْأَوْلِيَاءِ غَيْرَ الْأَبِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ الصَّغِيرَةَ وَلَا لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ الْبِكْرَ الْكَبِيرَةَ إِلَّا بِإِذْنِهَا وَذَلِكَ لِلْأَبِ فِي بَنَاتِهِ الْأَبْكَارِ بَوَالِغَ أَوْ غَيْرِ بَوَالِغَ
وَهُوَ الْمُطْلَقُ الْكَامِلُ الْوِلَايَةِ لِأَنَّ مَنْ سِوَاهُ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ لَا يَسْتَحِقُّونَ الْوَلَاةَ إِلَّا بِهِ وَقَدْ يَشْتَرِكُونَ فِيهَا وَهُوَ يَنْفَرِدُ بِهَا فَلِذَلِكَ وَجَبَ لَهُ اسْمُ الْوَلِيِّ مُطْلَقًا
وَذَكَرَ حَدِيثَ خنساء بنت خدام أن رسول الله رَدَّ نِكَاحَهَا وَكَانَتْ ثَيِّبًا إِذْ أَنْكَحَهَا أَبُوهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا
قَالَ وَأَمَّا الِاسْتِئْمَارُ لِلْبِكْرِ فَعَلَى اسْتِطَابَةِ النَّفْسِ وَرَجَاءِ الْمُوَافَقَةِ وَخَوْفِ مُوَافَقَةِ الْكَرَاهَةِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) آلِ عِمْرَانَ ١٥٩
وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ رَدُّ مَا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولكن ليفتدي بِهِ
وَفِي هَذَا الْمَعْنَى آثَارٌ ذَكَرْنَاهَا فِي ((التَّمْهِيدِ))
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَحَدِيثُ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِدَامٍ ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي بَابِ ((جَامِعِ مَا لَا يَجُوزُ مِنَ النِّكَاحِ)) وَكَانَ هَذَا الْبَابُ أَوْلَى بِهِ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِيهِ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ