للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ وَجُمْلَةُ هَذَا الْبَابِ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى - أَمَرَ بِالنِّكَاحِ وَحَضَّ عَلَيْهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضَهُمْ أَوْلِيَاءَ بَعْضٍ وَبِذَلِكَ يَتَوَارَثُونَ ثُمَّ تَكُونُ وِلَايَةٌ أَقْرَبَ مِنْ وِلَايَةٍ كَمَا قَرَابَةٌ أَقْرَبُ مِنْ قَرَابَةٍ

فَمَنْ كَانَ أَوْلَى بِالْمَرْأَةِ كَانَ أَوْلَى بِإِنْكَاحِهَا فَإِنْ تَشَاجَرُوا نَظَرَ الْحَاكِمُ فِي ذَلِكَ إِذَا ارْتَفَعُوا إِلَيْهِ ثُمَّ أَتَى بِكَلَامٍ قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي ((التَّمْهِيدِ)) أَكْثَرُهُ لَا حُجَّةَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ نَكَحَتِ الْمَرْأَةُ بِغَيْرِ وَلِيٍّ فُسِخَ النِّكَاحُ فَإِنْ دَخَلَ وَفَاتَ الْأَمْرُ بِالدُّخُولِ وَطُولِ الزَّمَنِ وَالْوِلَادَةِ لَمْ يُفْسَخْ لِأَنَّهُ لَا يُفْسَخُ مِنَ الْأَحْكَامِ إِلَّا الْحَرَامُ الْبَيِّنُ أَوْ يَكُونُ خَطَأً لَا شَكَّ فِيهِ فَأَمَّا مَا يَجْتَهِدُ فِيهِ الرَّأْيُ وَفِيهِ الِاخْتِلَافُ فَلَا يُفْسَخُ

قَالَ وَيُشْبِهُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنْ يَكُونَ الدُّخُولُ فَوْتًا وَإِنْ لَمْ يَتَطَاوَلْ وَلَكِنَّهُ احْتَاطَ فِي ذَلِكَ

قَالَ وَالَّذِي يُشْبِهُ عِنْدِي عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي الْمَرْأَةِ إِذَا تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ وَلِيٍّ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ وَإِنْ كَانَ مَالِكٌ يَسْتَحِبُّ أَلَّا يُقَامَ عَلَى ذلك النكاح

قال وقد ذكر بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَرَى بَيْنَهُمَا الْمِيرَاثَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَذْهَبُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ فِي هَذَا الْبَابِ نَحْوَ قَوْلِ مَالِكٍ

وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَالنِّكَاحُ عِنْدَهُ بِغَيْرِ وَلِيٍّ مَفْسُوخٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ طَالَ الْأَمَدُ أَوْ لَمْ يطل ولا يتوارثان إِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا

وَالْوَلِيُّ عِنْدَهُ مِنْ فَرَائِضِ النِّكَاحِ وَلِيُّ الْقَرَابَةِ لِأُولِي الدِّيَانَةِ وَحْدَهَا دُونَ الْقَرَابَةِ ثُمَّ الْوِلَايَةُ عِنْدَهُ عَلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ والأقعد في الأقعد وَلَا مَدْخَلَ عِنْدَهُ لِلْأَبْعَدِ مَعَ الْأَقْرَبِ فِي إِنْكَاحِ الْمَرْأَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَقْرَبُ سَفِيهًا أَوْ غَائِبًا غَيْبَةً يَضُرُّ بِالْمَرْأَةِ انْتِظَارُهُ لِطُولِهَا ولا ولاية عنده لأحد من الأب مع الْأَوْلِيَاءِ فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ فَالْجَدُّ ثُمَّ أَبُو الْجَدِّ ثُمَّ أَبُوهُ أَبَدًا هَكَذَا

وَالْبِكْرُ وَالثَّيِّبُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ لَا تُنْكَحُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا بِغَيْرِ وَلِيٍّ إِلَّا أَنَّ الثَّيِّبَ لَا يُنْكِحُهَا أَبٌ وَلَا غَيْرُهُ إِلَّا بِإِذْنِهَا وَتُنْكَحُ الْبِكْرُ مِنْ بَنَاتِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهَا

وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ) النُّورِ ٣٢

وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي الْأَيَامَى (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ) النِّسَاءِ ٢٥

وقال تَعَالَى مُخَاطِبًا لِلْأَوْلِيَاءِ (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أزواجهن) البقرة

<<  <  ج: ص:  >  >>