وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ فِي نَفْسِهَا فَإِنْ سَكَتَتْ فَقَدْ أَذِنَتْ))
قَالُوا وَالصَّغِيرَةُ مِمَّنْ لَا إِذْنَ لَهَا فَلَمْ يَجُزِ الْعَقْدُ عَلَيْهَا إِلَّا بَعْدَ بُلُوغِهَا وَلِأَنَّ مَنْ عَدَا الْأَبِ مِنْ أَوْلِيَائِهَا أَخًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِهَا فَكَذَلِكَ فِي بُضْعِهَا
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي الْيَتِيمَةِ تُنْكَحُ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَهِيَ فِي غَيْرِ فَاقَةٍ شَدِيدَةٍ هَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَهَلْ يُفْسَخُ نِكَاحُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ ((اخْتِلَافِ أَقْوَالِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ)) وَالَّذِي رَوَاهُ عيسى عن بن الْقَاسِمِ قَالَ إِنْ زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ نَزَلَتِ الْمَوَارِيثُ فِي ذَلِكَ النِّكَاحِ
وَلَا أَعْلَمُ أَنَّ مَالِكًا كَانَ يَبْلُغُ بِهِ إِلَى قِطَعِ الْمَوَارِيثِ فِيهِ وَهُوَ أَمْرٌ قَدْ أَجَازَهُ جُلُّ النَّاسِ
وَقَدْ زَوَّجَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ابْنَةَ أَخِيهِ وَهِيَ صَبِيَّةٌ مِنَ ابْنِهِ وَالنَّاسُ يَوْمَئِذٍ مُتَوَافِرُونَ وَعُرْوَةُ مَنْ هُوَ
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حنبل لا أرى للقاضي ولا للوالي أَنْ يُنْكِحَ الْيَتِيمَةَ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعَ سِنِينَ
قَالَ فَإِنْ زَوَّجَهَا صَغِيرَةً دُونَ تِسْعِ سِنِينَ فَلَا أَرَى أَنْ يَدْخُلَ بِهَا حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعَ سِنِينَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا أَخَذَهُ مِنْ نِكَاحِ عَائِشَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَلَا مَعْنَى لِلْجَدِّ فِي ذَلِكَ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَ الصَّغِيرَةَ وَلِيُّهَا مَنْ كَانَ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ غَيْرَ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ إِذَا بَلَغَتْ
وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَتَادَةَ وبن شُبْرُمَةَ وَاَلْأَوْزَاعِيِّ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا خِيَارَ لِلصَّغِيرَةِ إِذَا بَلَغَتْ زَوَّجَهَا أَبُوهَا أَوْ غَيْرُهُ من أوليائها
وكل هؤلاء يقولون من أجاز أَنْ يُزَوِّجَهَا كَبِيرَةً جَازَ أَنْ يُزَوِّجَهَا صَغِيرَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الباب نوازل ليس هذا موضع ذكرها الذي تزوج بغير