وَقَدْ زِدْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بَيَانًا وَاعْتِلَالًا فِي ((التَّمْهِيدِ))
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ اتِّخَاذِ الْخَاتَمِ مِنَ الْحَدِيدِ
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ لِبَاسِ خَاتَمِ الْحَدِيدِ
فَكَرِهَهُ قَوْمٌ منهم عبد الله بن مسعود وبن عُمَرَ
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ مَا ظَهَرَتْ كَفٌّ فيها خاتم من حديد
وروى بن عَجْلَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ وَالْحَدِيدِ
وَمِنْ حَدِيثُ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى عَلَى رَجُلٍ خاتما من حديد فقال له ((مالي أَرَى عَلَيْكَ حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ))
وَمَنْ لَمْ يُصِحَّ هَذِهِ الْآثَارَ فَقَالَ الْأَشْيَاءُ عَلَى الْإِبَاحَةِ حَتَّى يَصِحَّ الْحَظْرُ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ)) فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ - أَيْضًا - دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا لِأَنَّهُ قَالَ لِلرَّجُلِ ((الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ)) فَلَمَّا لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ ((هَلْ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ فَذَكَرَ لَهُ سِوَرًا فَقَالَ ((قَدْ زَوَّجْتُكَهَا عَلَى مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ))
وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ
فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا لَا يَكُونُ تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ مَهْرًا
وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَالْمُزَنِيِّ صَاحِبِ الشَّافِعِيِّ
وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ أَنَّ الْفُرُوجَ لَا تُسْتَبَاحُ إِلَّا بِالْأَمْوَالِ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى الطَّوْلَ فِي النِّكَاحِ
وَالطَّوْلُ الْمَالُ وَالْقُرْآنُ لَيْسَ بِمَالٍ لِأَنَّ التَّعْلِيمَ يَخْتَلِفُ وَلَا يَكَادُ يُضْبَطُ فَأَشْبَهَ الشَّيْءَ الْمَجْهُولَ
قَالُوا وَمَعْنَى قَوْلِهِ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ((قَدْ أَنَكَحْتُكَ عَلَى مَا مَعَكَ