وَهُوَ عِنْدُهُمْ مَعْنَى قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ صُدِّقَتْ عَلَيْهِ وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا فِيمَا ادَّعَتْ مِنْ مَسِيسِهَا لِأَنَّ الْبَيْتَ فِي الْبِنَاءِ بَيْتُ الرَّجُلِ وَعَلَيْهِ الْإِسْكَانُ فَمَعْنَى قَوْلِ سَعِيدٍ فِي بَيْتِهِ أَيْ دُخُولٌ ابْتَنَى فِي بَيْتِ مُقَامِهَا وَسُكْنَاهَا
وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي بَيْتِهَا يَقُولُ إِذَا زَارَهَا فِي بَيْتِهَا عِنْدَ أَهْلِهَا أَوْ وَجَدَهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا دُخُولَ بِنَاءٍ وَلَا اهْتِدَاءٍ فَادَّعَتْ أَنَّهُ مَسَّهَا وَأَنْكَرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُدَّعَى عَلَيْهِ
وَمِثْلُ هَذَا مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي الرَّهْنِ يَخْتَلِفُ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِيمَا عَلَيْهِ مِنَ الدِّينِ فَالْقَوْلُ عِنْدَهُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ الرَّهْنَ بِيَدِهِ فَيُصَدَّقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِيمَتِهِ وَهُوَ فِيمَا زَادَ مُدَّعٍ
وَهَذَا أَصْلُهُ فِي الْمُتَدَاعِيَيْنِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ لَهُ شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ كَالْيَدِ وشبهها
وقد روى بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا فِيمَا ادَّعَتْهُ مِنَ الْمَسِيسِ إِذَا خَلَا بِهَا فِي بَيْتِهِ أَوْ بَيْتِهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَوَاضِعِ وَأَقَرَّ بِذَلِكَ وَجَحَدَ الْمَسِيسَ
قَالَ مَالِكٌ فَإِنِ اتَّفَقَ عَلَى أَنْ لَا مَسِيسَ لَمْ تُوجِبِ الْخَلْوَةُ مَعَ إِغْلَاقِ الْبَابِ وَإِرْخَاءِ السِّتْرِ شَيْئًا مِنَ الْمَهْرِ
قَالَ مَالِكٌ إِذَا خَلَا بِهَا فَقَبَّلَهَا أَوْ كَشَفَهَا أَوِ اجْتَمَعَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَمَسَّهَا فَلَا أرى لها إلا نِصْفَ الْمَهْرِ إِنْ كَانَ قَرِيبًا وَإِنْ تَطَاوَلَ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَلَهَا الْمَهْرُ كَامِلًا إِلَّا أَنْ تُحِبَّ أَنْ تَضَعَ لَهُ مَا شَاءَتْ
وَذَكَرَ عبد الرزاق عن بن جُرَيْجٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَنْكِحُ الْمَرْأَةَ فَتَمْكُثُ عِنْدَهُ الْأَشْهُرَ وَالسَّنَةَ يُصِيبُ مِنْهَا مَا دُونَ الْجِمَاعِ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا قَالَ لَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ كَامِلَةً
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ تَمْنَعُ سُقُوطَ شَيْءٍ مِنَ الْمَهْرِ وَتُوجِبُ الْمَهْرَ كُلَّهُ بَعْدَ الطلاق وطىء أَوْ لَمْ يَطَأْ ادَّعَتْهُ أَوْ لَمْ تَدَّعِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُحْرِمًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ صَائِمًا فِي رَمَضَانَ أَوْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ حَائِضًا فَإِنْ كَانَتِ الْخَلْوَةُ فِي هَذِهِ الْحَالِ ثُمَّ طَلَّقَ لَمْ يَجِبْ لَهَا إِلَّا نِصْفُ المهر
ولم يفرقوا بين بينه وبينها وَلَا دُخُولِ بِنَاءٍ وَلَا غَيْرِهِ إِذَا صَحَّتِ الْخَلْوَةُ بِإِقْرَارِهِمَا أَوْ بِبَيِّنَةٍ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ عِنْدَهُمْ في جميع هذه الوجوه