للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا فِي مَعْنَى تَفْسِيرِ (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ) النِّسَاءِ ٢٣ أَنَّهَا الْأُمُّ وَإِنْ عَلَتْ وَالِابْنَةُ وَإِنْ سَفَلَتْ وَكَمَا لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ نِكَاحُ عَمَّتِهَا عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْخَالَةِ مَعَ بِنْتِ أُخْتِهَا لِأَنَّ الْمَعْنَى الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا

وَهَذَا كُلُّهُ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ لَا خِلَافَ فِيهِ

وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ الْعُدُولِ هَذَا الْمَعْنَى مَكْشُوفًا بِمَا حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي بن فُضَيْلٍ عَنْ دَاوُدَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا وَلَا تُنْكَحُ الْعَمَّةُ عَلَى بِنْتِ أَخِيهَا وَلَا الْخَالَةُ عَلَى بِنْتِ أُخْتِهَا وَلَا تَتَزَوَّجُ الْكُبْرَى عَلَى الصُّغْرَى وَلَا الصُّغْرَى عَلَى الْكُبْرَى))

قَالَ أَبُو عُمَرَ عِنْدَ الشَّعْبِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثَانِ

أَحَدُهُمَا عَنْ جَابِرٍ

وَالْآخَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ تَعَسَّفَ فَجَعَلَهُ مِنَ الِاخْتِلَافِ

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةُ بَيَانٍ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - لَمَّا قَالَ (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ) إِلَى قَوْلِهِ (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ) النِّسَاءِ ٢٣ بِأَنَّ بِذَلِكَ مَا عَدَا النِّسَاءَ الْمَذْكُورَاتِ دَاخِلَاتٌ فِي التَّحْلِيلِ ثُمَّ أَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ - (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) النِّسَاءِ ٢٤ فَكَانَ هَذَا مِنَ الزَّمَنِ مَا كَانَ ثُمَّ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ تُجْمَعَ الْمَرْأَةُ مَعَ عَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا فِي عِصْمَةٍ وَاحِدَةٍ فَكَانَ هَذَا زِيَادَةَ بَيَانٍ عَلَى نَصِّ الْقُرْآنِ كَمَا وَرَدَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ أَوْ مَسْحُهُمَا وَمَاسِحُ الْخُفَّيْنِ لَيْسَ بِمَاسِحٍ عَلَيْهِمَا وَلَا غَاسِلٍ لَهُمَا

وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ كُلُّهَا عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ بِحَدِيثِ هَذَا الْبَابِ عَلَى حَسَبِ مَا وَصَفْنَا فِيهِ فَارْتَفَعَ عَنْ ذَلِكَ تَوَهُّمُ نَسْخِ الْقُرْآنِ لَهُ وَأَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) نَزَلَ بَعْدَهُ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ زِيَادَةَ بَيَانٍ كَمَا لَوْ نَزَلَ بِذَلِكَ قُرْآنٌ

قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ) الْأَحْزَابِ ٣٤ يَعْنِي الْقُرْآنَ والسنة

<<  <  ج: ص:  >  >>