رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ فِي عِدَّتِهَا فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا يفرق بَيْنَهُمَا وَعَاقَبَهُمَا وَقَالَ لَا يَنْكِحُهَا أَبَدًا وَجَعَلَ صَدَاقَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَفَشَا ذَلِكَ فِي النَّاسِ فَبَلَغَ عَلِيًّا فَقَالَ يَرْحَمُ اللَّهُ أَمِيرَ المؤمنين ما قال الصَّدَاقِ وَبَيْتِ الْمَالِ إِنَّمَا جَهِلَا فَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَرُدَّهُمَا إِلَى السُّنَّةِ قِيلَ فَمَا تَقُولُ أنت فيهماقال لَهَا الصَّدَاقُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا جَلْدَ عَلَيْهِمَا وَتُكْمِلُ عِدَّتَهَا مِنَ الْأَوَّلِ ثُمَّ تَعْتَدُّ مِنَ الثَّانِي عِدَّةً كَامِلَةً ثلاثة قروء ثُمَّ يَخْطُبُهَا إِنْ شَاءَ فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ! رُدُّوا الْجَهَالَاتِ إِلَى السُّنَّةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْعِدَّةِ مِنَ اثْنَيْنِ على حسب هذه القضية
فقال مالك في رواية بن القاسم والثوري والأوزاعي وأبو حنيفة وأبي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِذَا وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ مِنْ رَجُلَيْنِ فَإِنَّ عِدَّةً وَاحِدَةً تَكُونُ لَهُمَا جَمِيعًا سَوَاءٌ كَانَتِ الْعِدَّةُ بِالْحَمْلِ أَوْ بِالْحَيْضِ أَوْ بِالشُّهُورِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ تُتِمُّ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنَ الْأَوَّلِ وَتَسْتَأْنِفُ عِدَّةً أُخْرَى مِنَ الْآخَرِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمْرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَهِيَ رِوَايَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْ مالك
والحجة لما رواه بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَمَنْ قَالَ مِنَ الْفُقَهَاءِ بِذَلِكَ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ يَنْكِحُهَا فِي بَقِيَّةِ الْعِدَّةِ مِنْهُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا فِي عِدَّةٍ مِنَ الْآخَرِ
وَلَوْلَا ذَلِكَ لَنَكَحَهَا فِي عِدَّتِهَا مِنْهُ وَهَذَا غَيْرُ لَازِمٍ لِأَنَّ مَنْعَ الْأَوَّلِ مِنْ أَنْ يَنْكِحَهَا فِي بَقِيَّةِ عِدَّتِهَا إِنَّمَا وَجَبَ لِمَا يَتْلُوهَا مِنْ عِدَّةِ الثَّانِي وَهُمَا حَقَّانِ قَدْ وَجَبَا عَلَيْهَا لِلزَّوْجَيْنِ كَسَائِرِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ لَا يَدْخُلُ أَحَدُهُمَا فِي صَاحِبِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ نَكَحَ فِي الْعِدَّةِ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ
فَمَرَّةً قَالَ الْعَالِمُ بِالتَّحْرِيمِ وَالْجَاهِلُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ لَا حَدَّ عَلَيْهِ عَلَى ظَاهِرِ خَبَرِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ
وَالصَّدَاقُ فِيهِ لَازِمٌ وَالْوَلَدُ لَاحِقٌ وَلَا يُعَاقَبَانِ وَلَا يَتَنَاكَحَانِ أَبَدًا
وَمَرَّةً قَالَ الْعَالِمُ بِالتَّحْرِيمِ كَالزَّانِي يُحَدُّ وَلَا يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَيَنْكِحُهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ
وَالْأَوَّلُ عَنْهُ أَشْهَرُ
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ يَتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فَتَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أشهر