للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَحِلُّ وَطْءُ أَمَةٍ مَجُوسِيَّةٍ بِمِلْكِ الْيَمِينِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَوْضَحَ بِهِ - مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذَا الْكِتَابِ بِمَا احْتَجَّ به نُصُوصِ الْكِتَابِ وَعَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ

وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ تفسير بن عَبَّاسٍ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وغيره عنه

قال بن عَبَّاسٍ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَعَةٌ أَنْ يَنْكِحَ الْحَرَائِرَ فَلْيَنْكِحْ مِنْ إِمَاءِ الْمُؤْمِنِينَ

وَكَذَلِكَ قال بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَنْكِحَ الْمَرْأَةَ الْمُؤْمِنَةَ فَلْيَنْكِحِ الْأَمَةَ الْمُؤْمِنَةَ

وَقَالَ لَا يَنْبَغِي لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ أَنْ يَنْكِحَ الْمَمْلُوكَةَ مِنْ إِمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ (مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ) النِّسَاءِ ٢٥

وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ ذُرَيْعٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ إِنَّمَا رَخَّصَ اللَّهُ فِي الْأَمَةِ الْمُؤْمِنَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ) لِمَنْ لم يجد طولا

وهذا قول بن شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ وَمَكْحُولٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَمَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ إِلَّا أَنَّ الثَّوْرِيَّ قَالَ لَا أَكْرَهُ الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ وَلَا أُحَرِّمُهُ

وَأَمَّا مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ فَقَالُوا لَا يَجُوزُ لِحُرٍّ وَلَا لِعَبْدٍ مُسْلِمٍ نِكَاحُ أَمَةٍ كِتَابِيَّةٍ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا بَأْسَ بِنِكَاحِ إِمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَحَلَّ الْحَرَائِرَ مِنْهُنَّ وَالْإِمَاءُ تَبَعٌ لَهُنَّ

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ أَكْرَهُ نِكَاحَ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ إِذَا كَانَ مَوْلَاهَا كَافِرًا وَالنِّكَاحُ جَائِزٌ

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَجُوزُ نِكَاحُهَا لِلْعَبْدِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ لَهُمْ سَلَفًا فِي قَوْلِهِمْ هَذَا إِلَّا أَبَا مَيْسَرَةَ عَمْرَو بْنَ شُرَحْبِيلَ فَإِنَّهُ قَالَ إِمَاءُ أَهْلِ الْكِتَابِ بِمَنْزِلَةِ الْحَرَائِرِ مِنْهُنَّ

وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ احْتِجَاجَاتٌ مِنَ الْمُقَايَسَاتِ عَلَيْهِمْ مِثْلُهَا سِوَى ظَاهِرِ النَّصِّ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا قَوْلُهُ الْأَمَةُ الْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّةُ تَحِلُّ لِسَيِّدِهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى عُمُومِ قَوْلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ (أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) النِّسَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>