للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْيَمِينِ مَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُنَّ تَوْبَةٌ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إِفْسَادِ النَّسَبِ

وَسَيَأْتِي ذِكْرُ نِكَاحِ الزَّانِيَةِ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ

وقد كان بن عُمَرَ يَكْرَهُ نِكَاحَ الْكِتَابِيَّاتِ وَيَحْمِلُ قَوْلَهُ تَعَالَى (وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ) الْبَقَرَةِ ٢٢١ عَلَى كُلِّ كَافِرَةٍ وَيَقُولُ لَا أَعْلَمُ شِرْكًا أَكْبَرَ من قولهن المسيح بن الله وعزير بن الله

وهذا قول شذ فيه بن عُمَرَ عَنْ جَمَاعَةِ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - وَخَالَفَ ظَاهِرَ قَوْلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) الْمَائِدَةِ ٥

وَلَمْ يَلْتَفِتْ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ - قَدِيمًا وَحَدِيثًا - إِلَى قَوْلِهِ ذَلِكَ لِأَنَّ إِحْدَى الْآيَتَيْنِ لَيْسَتْ بِأَوْلَى بِالِاسْتِعْمَالِ مِنَ الْأُخْرَى وَلَا سَبِيلَ إِلَى نَسْخِ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى مَا كَانَ إِلَى اسْتِعْمَالِهِمَا سَبِيلٌ فَآيَةُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ فِي الْوَثَنِيَّاتِ وَالْمَجُوسِيَّاتِ وَآيَةُ الْمَائِدَةِ فِي الْكِتَابِيَّاتِ

وَقَدْ تَزَوَّجَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ نائلة بنت الفرافصة الكلبية نَصْرَانِيَّةً وَتَزَوَّجَ طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَهُودِيَّةً وَتَزَوَّجَ حُذَيْفَةُ يَهُودِيَّةً وَعِنْدَهُ حُرَّتَانِ مُسْلِمَتَانِ عَرَبِيَّتَانِ

وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي نِكَاحِ الْكِتَابِيَّاتِ الْحَرَائِرِ بعد ما ذكرنا إذا لم تكن مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْحَرْبِ

فَإِنْ كُنَّ حَرْبِيَّاتٍ

فَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى كَرَاهِيَةِ نِكَاحِهِنَّ لِأَنَّ الْمُقَامَ لَهُ وَلِذُرِّيَّتِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ حَرَامٌ عَلَيْهِ

وَمَنْ تَزَوَّجَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَقَدْ رَضِيَ الْمُقَامَ بِهَا

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ الْمَسْعُودِيِّ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ أَتَعْلَمُ شَيْئًا مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ حَرَامًا قَالَ لَا قَالَ الْحَكَمُ وَقَدْ كُنْتُ سَمِعْتُ مِنْ أَبِي عِيَاضٍ أَنَّ نِسَاءَ أَهْلِ الْكِتَابِ مُحَرَّمٌ نِكَاحُهُنَّ فِي بِلَادِهِنَّ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ فَصَدَّقَ بِهِ وَأَعْجَبَهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَبُو عِيَاضٍ هَذَا مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَفُقَهَائِهِمْ أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَكَانَ يَرْوِي عَنْ أَبِي هريرة وبن عَبَّاسٍ وَيُفْتِي فِي حَيَاتِهِمَا وَيُسْتَفْتَى فِي خِلَافَةِ معاوية

<<  <  ج: ص:  >  >>