وَرَوَى الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ هَلْ تَرَى مَا صَنَعْتَ وَبِمَا أَفْتَيْتَ سَارَتْ بِفُتْيَاكَ الرُّكْبَانُ وَقَالَتْ فِيهَا الشُّعَرَاءُ فَقَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ لَا وَاللَّهِ مَا أَحْلَلْتُ مِنْهَا إِلَّا مَا أَحَلَّ اللَّهُ مِنَ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ يَعْنِي عِنْدَ الِاضْطِرَارِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اتَّفَقَ أَئِمَّةُ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْآثَارِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَسُفْيَانُ وَأَبُو حَنِيفَةَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالشَّافِعِيُّ وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ والنظر والليث بن سعد في أَهْلِ مِصْرَ وَالْمَغْرِبِ وَالْأَوْزَاعِيُّ فِي أَهْلِ الشَّامِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ عَلَى تَحْرِيمِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ لِصِحَّةِ نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهُمْ عَنْهَا
وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنًى مِنْهَا وَهُوَ الرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ أَوْ شَهْرًا أَوْ أَيَّامًا مَعْلُومَاتٍ وَأَجَلًا مَعْلُومًا
فَقَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ هَذَا نِكَاحُ الْمُتْعَةِ وَهُوَ بَاطِلٌ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ
وَقَالَ زُفَرُ إِنْ تَزَوَّجَهَا عَشَرَةَ أَيَّامٍ أَوْ نَحْوَهَا أَوْ شَهْرًا فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ
وَقَالُوا كُلُّهُمْ - إِلَّا الْأَوْزَاعِيَّ إِذَا نَكَحَ الْمَرْأَةَ نِكَاحًا صَحِيحًا وَلَكِنَّهُ نَوَى فِي حِينِ عَقْدِهِ عَلَيْهَا أَلَّا يَمْكُثَ مَعَهَا إِلَّا شَهْرًا أَوْ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَا تَضُرُّهُ فِي ذَلِكَ نِيَّتُهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي نِكَاحِهِ
قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ إِذَا نَكَحَ أَنْ يَنْوِيَ حَبْسَ امْرَأَتِهِ إِنْ وَافَقَتْهُ وَأَلَّا يُطْلِقَهَا
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَوْ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ شَرْطٍ وَلَكِنَّهُ نَوَى أَنْ لَا يَحْبِسَهَا إِلَّا شَهْرًا أَوْ نَحْوَهُ فَيُطْلِقُهَا فَهِيَ مُتْعَةٌ وَلَا خَيْرَ فِيهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ في حديث بن مَسْعُودٍ بَيَانُ أَنَّ الْمُتْعَةَ نِكَاحٌ إِلَى أَجَلٍ
وَهَذَا يَقْتَضِي الشَّرْطَ الظَّاهِرَ وَإِذَا سَلِمَ الْعَقْدُ مِنْهُ صَحَّ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
وَأَمَّا الْحُمُرُ الْأَهْلِيَّةُ فَلَا خِلَافَ الْيَوْمَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَكْلُهَا لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا
وَعَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةُ السلف إلا بن عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا كَانَا لَا يَرَيَانِ بِأَكْلِهَا بَأْسًا وَيَتَأَوَّلَانِ قَوْلَ اللَّهِ عز وجل (قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا