للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ لَيْسَ ذَلِكَ بِطَلَاقٍ وَإِنَّمَا هُوَ فسخ النكاح فإنهم يؤيدون ذلك أَنَّهُ إِذَا نَكَحَهَا وَهُوَ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ لِغَيْرِهَا فَإِنَّهَا تَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى عِصْمَةٍ مُبْتَدَأَةٍ كَامِلَةٍ وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ إِلَّا بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ كَسَائِرِ الْمُبْتَدَآتِ بِالنِّكَاحِ

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا وَجَبَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِمِلْكِهَا لَهُ فَهُوَ طَلَاقٌ

وَقَالَتْ بِهِ فِرْقَةٌ مِنْهُمْ قَتَادَةُ

فَعَلَى قَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ يكون عنده على طلقتين إن طلقها طلقتين حَرُمَتْ عَلَيْهِ

وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إِذَا مَلَكَتِ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا فَإِنَّهُ يُبَاعُ عَلَيْهَا وَلَا يُتْرَكُ مَمْلُوكًا لَهَا وَقَدْ كَانَ يَطَأُهَا قَبْلَ ذَلِكَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ

وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي ذَلِكَ مَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ يَطَأَهَا مَنْ تَمْلِكُهُ وَأَنَّهَا غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) الْمُؤْمِنُونَ ٥ ٦ وَأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ عُنِيَ بِهَا الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ وَلَكِنَّهَا لَوْ أَعْتَقَتْهُ بَعْدَ مِلْكِهَا لَهُ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا كَمَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبِيدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ أَنَّهَا لَوْ أَعْتَقَتْهُ حِينَ مَلَكَتْهُ كَانَا عَلَى نِكَاحِهِمَا

وَلَا يَقُولُ بِهَذَا أَحَدٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَأَنَّهَا أَيْضًا بِمِلْكِهَا لَهُ يَفْسُدُ نِكَاحُهُمَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ

وَالَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَهُمْ مَا قَالَهُ مَالِكٌ أَنَّهَا لَوْ أَعْتَقَتْهُ بَعْدَ مِلْكِهَا لَهُ لَمْ يَتَرَاجَعَا إِلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَاضِحٍ وَلَوْ كَانَتْ فِي عِدَّةٍ مِنْهُ

حدثنا عبد الرزاق قال أخبرني بن جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَنَحْنُ بِالْجَابِيَةِ نَكَحَتْ عَبْدَهَا فَانْتَهَرَهَا وَهَمَّ أَنْ يَرْجُمَهَا وَقَالَ لَا يَحِلُّ لَكِ مُسْلِمٌ بَعْدَهُ

وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ تَسَرَّتِ امْرَأَةٌ غُلَامَهَا فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعُمْرَ فَسَأَلَهَا مَا حَمَلَهَا عَلَى ذَلِكَ فَقَالَتْ كُنْتُ أَرَاهُ يَحِلُّ لِي بِمِلْكِ يَمِينِي كَمَا تَحِلُّ لِلرَّجُلِ الْمَرْأَةُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَاسْتَشَارَ عُمَرُ فِي رَجْمِهَا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا تَأَوَّلَتْ كِتَابَ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ لَا رَجْمَ عَلَيْهَا فَقَالَ عُمَرُ لَا جَرَمَ وَاللَّهِ لَا أُحِلُّكِ لِحُرٍّ بَعْدَهُ أبدا عاقبها بِذَلِكَ وَدَرَأَ الْحَدَّ عَنْهَا وَأَمَرَ الْعَبْدَ أَلَّا يقربها

<<  <  ج: ص:  >  >>