قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مَالِكٍ لَيْسَ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ إِنْ لَمْ يُسْلِمْ فِي عِدَّتِهَا بِذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ يُنْزِلُونَ إِسْلَامَهُ أَوْ إِسْلَامَهَا منزلة الطلاق يراعون في رجعته إلى الْإِسْلَامِ الدُّخُولَ
وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا هَلْ فِيهِ فَسْخٌ أَوْ طَلَاقٌ
وَاخْتَلَفُوا فِي الْوَثَنِيَّيْنِ يُسْلِمُ الزَّوْجُ مِنْهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَعْرِضُ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ فَتَأْبَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا مِنَ الْمَهْرِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُزَنِيِّ فَإِذَا أَسْلَمَ الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ إِنْ كَانَتْ مَجُوسِيَّةً أَوْ وَثَنِيَّةً وَإِنْ أَسْلَمَتْ هِيَ قَبْلَهُ فَلَا صَدَاقَ لَهَا لِأَنَّ الْفَسْخَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ لِأَنَّهُ لَا عِدَّةَ فِيمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا يَنْتَظِرُ إِلَيْهَا
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا عُرِضَ الْإِسْلَامُ عَلَى الَّذِي لَمْ يُسْلِمْ مِنَ الزَّوْجَيْنِ وَأَبَى فُرِّقَ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ كِتَابِيَّةً فَيُسْلِمُ الرَّجُلُ وَتَأْبَى امْرَأَتُهُ فَإِنَّهُ يُقِيمُ عَلَى نِكَاحِهِ مَعَهَا
فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الَّذِي أَبَى قَبْلَ الدُّخُولِ كَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ
وَإِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ هِيَ الَّتِي أَبَتْ فَلَا شَيْءَ لَهَا
وهو قول الثوري
وقال بن شُبْرُمَةَ فِي الْمَجُوسِيِّ تُسْلِمُ امْرَأَتُهُ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَقَدِ انْقَطَعَتِ الْعِصْمَةُ بَيْنَهُمَا وَلَا صَدَاقَ لَهَا
وَإِنْ أَسْلَمَ هُوَ وَلَمْ يَدْخُلْ ثُمَّ لَمْ تُسْلِمْ هِيَ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ
وَإِنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتِلَافُ التَّابِعِينَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَا عَنْ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى فَلَمْ أَرَ لِذِكْرِهِمْ وَجْهًا
وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَرَ نِصْفَ الصَّدَاقِ وَاجِبًا لِلْمَرْأَةِ إِذَا أَسْلَمَتْ قَبْلَ زَوْجِهَا وَلَمْ يُسْلِمْ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلِأَنَّ الْفَسْخَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا فَلَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ مِنَ الصَّدَاقِ
وَمَنْ رَأَى لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ زَعَمَ أَنَّهَا فَعَلَتْ فِعْلًا مُبَاحًا لَهَا يَرْضَاهُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنْهَا فَلَمَّا أَبَى زَوْجُهَا أَنْ يُسْلِمَ كَانَ كَالْمُفَارِقِ الْمُطَلِّقِ لَهَا فَوَجَبَ عَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ