وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ وَاخْتَارَهُ وَاحْتَجَّ بِالْإِجْمَاعِ فِي إِيجَابِ الْغُسْلِ وَهِيَ الطَّهَارَةُ الْكُبْرَى عَلَى الْمُسْتَكْرَهَةِ وَالنَّائِمَةِ إِذَا جَاوَرَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ وَإِنْ لَمْ تَقَعْ لَذَّةٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فِي اشْتِرَاطِ اللَّذَّةِ وَوُجُودِ الشَّهْوَةِ عِنْدَ الْمُلَامَسَةِ - أَصَحُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَأْتِ عَنْهُمْ فِي مَعْنَى الْمُلَامَسَةِ إِلَّا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا الْجِمَاعُ نَفْسُهُ وَالْآخَرُ مَا دُونَ الْجِمَاعِ مِنْ دَوَاعِي الْجِمَاعِ وَمَا يُشْبِهُهُ
وَمَعْلُومٌ فِي قَوْلِ الْقَائِلِينَ هُوَ مَا دُونَ الْجِمَاعِ أَنَّهُمْ أَرَادُوا مَا لَيْسَ بِجِمَاعٍ وَلَمْ يُرِيدُوا اللَّطْمَةَ وَلَا قُبْلَةَ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ رَحْمَةً وَلَا اللَّمْسَ لِغَيْرِ اللَّذَّةِ
وَلَمَّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ إِنَّ اللَّمْسَ أُرِيدَ بِهِ اللَّطْمَ وَمَا شَاكَلَهُ لَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ اللَّمْسُ مَا وَقَعَ فِيهِ اللَّذَّةُ وَالشَّهْوَةُ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيمَنْ لَطَمَ امْرَأَتَهُ أَوْ دَاوَى جُرْحَهَا وَلَا فِي الْمَرْأَةِ تُرْضِعُ أَوْلَادَهَا أَنَّهُ لَا وُضُوءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فَكَذَلِكَ مَنْ قَصَدَ إِلَى اللَّمْسِ وَلَمْ يَلْتَذَّ فِي حكمهم
ذكر بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ إِذَا قَبَّلَ لِشَهْوَةٍ نُقِضَ الْوُضُوءُ
قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ حَمَّادٍ قَالَ إِذَا قَبَّلَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ لَا تُرِيدُ ذَلِكَ فَإِنَّمَا يَجِبُ الْوُضُوءُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ عَلَيْهَا وُضُوءٌ
وَإِنَّ قَبَّلَتْهُ فَإِنَّمَا يَجِبُ الْوُضُوءُ عَلَيْهَا وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ
وَإِنْ وَجَدَ شَهْوَةً وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ
وَإِنْ قَبَّلَهَا وَهِيَ لَا تُرِيدُ فَوَجَدَتْ شَهْوَةً وَجَبَ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ
وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءٌ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُحِلٍّ الضَّبِّيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ إِذَا قَبَّلَ الرَّجُلُ لِشَهْوَةٍ أَوْ لَمَسَ لِشَهْوَةٍ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ
فَهَؤُلَاءِ اشْتَرَطُوا اللَّذَّةَ حَتَّى فِي الْقُبْلَةِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ الشَّهْوَةِ فِي الْقُبْلَةِ وَرَدَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ قُبْلَةِ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ وَبَيْنَ قُبْلَةِ الْأُمِّ وَالِابْنَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ إِلَّا أَنَّهُمْ مَنِ اشْتَرَطَ اللَّذَّةَ فِي الْقُبْلَةِ فَأَكْثَرُهُمْ يُوجِبُونَ الْوُضُوءَ مِنْ قُبْلَةِ الرَّجُلِ مَنْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَمَنْ لَا يَحِلُّ الْتَذَّ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَلْتَذَّ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْقُبْلَةُ رَحْمَةً كَقُبْلَةِ الرَّجُلِ الطِّفْلَةَ مِنْ بَنَاتِهِ