مجاهدا أخبره أن رجلا جاء بن عَبَّاسٍ فَقَالَ مَلَّكْتُ امْرَأَتِي أَمْرَهَا فَطَلَّقَتْنِي ثَلَاثًا قَالَ خَطَّأَ اللَّهُ نَوْءَهَا إِنَّمَا الطَّلَاقُ لَكَ عليها وليس لها عليك
قال بن جريج وأخبرني بن طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ وَقُلْتُ لَهُ كَيْفَ كَانَ أَبُوكَ يَقُولُ فِي رَجُلٍ مَلَّكَ امْرَأَتَهُ أَمْرَهَا أَتَمْلِكُ أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا فَقَالَ كَانَ يَقُولُ لَيْسَ إِلَى النِّسَاءِ طَلَاقٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قد روي خبر بن عَبَّاسٍ عَلَى غَيْرِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ طَاوُسٌ
وروى بن جريج عن عطاء عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً مَلَّكَهَا زَوْجُهَا أَمْرَ نَفْسِهَا فَقَالَتْ أَنْتَ الطَّلَاقُ وَأَنْتَ الطَّلَاقُ وَأَنْتَ الطَّلَاقُ فقال بن عَبَّاسٍ خَطَّأَ اللَّهُ نَوْءَهَا أَلَا قَالَتْ أَنَا طَالِقٌ أَنَا طَالِقٌ
وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى قَدْ ذَهَبَ إِلَيْهَا طَائِفَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ فِي الْمُمَلَّكَةِ قَالُوا إِذَا قَالَتْ لِزَوْجِهَا أَنْتَ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ حَتَّى يَقُولَ أَنَا مِنْكِ طَالِقٌ
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَأَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهَا لِزَوْجِهَا أَنْتَ طَالِقٌ كَمَا يَقَعُ بِقَوْلِهَا أَنَا طَالِقٌ مِنْكَ
وَأَمَّا أَقَاوِيلُ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ فِي التَّمْلِيكِ
يَقُولُ مَالِكٌ مَا ذَكَرَهُ فِي ((مُوَطَّئِهِ)) مَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَمَذْهَبُهُ فِي التَّخَيُّرِ خِلَافُ مَذْهَبِهِ فِي التَّمْلِيكِ وَيَأْتِي فِي بَابِ الْخِيَارِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَهُنَاكَ نَذْكُرُ مَذَاهِبَ السَّلَفِ مِنَ الْخِيَارِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ اخْتَارِي أَمْرُكِ بِيَدِكِ سَوَاءٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِطَلَاقٍ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ الزَّوْجُ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ الطَّلَاقَ
فَإِنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ فَهُوَ مَا أَرَادَ مِنَ الطَّلَاقِ
فَإِنْ أَرَادَ وَاحِدَةً فَهِيَ رَجْعِيَّةٌ وَلَوْ أَرَادَ الطَّلَاقَ فَقَالَتْ قَدِ اخْتَرْتُ نَفْسِي فَإِنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ فَهُوَ الطَّلَاقُ وإن يُرِدْهُ فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِي أَمْرِكِ بِيَدِكِ إِذَا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ إِلَّا أَنْ تَنْوِيَ ثَلَاثًا فَيَكُونُ ثَلَاثًا
قَالَ وَالْخِيَارُ لَا يَكُونُ طَلَاقًا وَإِنْ نَوَاهُ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ أَمْرُكِ بِيَدِكِ مِثْلُ الْخِيَارِ فَإِنِ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ
وَكُلُّ هَؤُلَاءِ التَّمْلِيكُ وَالتَّخْيِيرُ عِنْدَهُمْ سَوَاءٌ