(فإن فاءو) الْبَقَرَةِ ٢٢٦ هُوَ الْجِمَاعُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فَصَارَ بِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْمُحْكَمِ
وَاخْتَلَفُوا فِي معنى قوله - عز وجل (وإن عزموا الطلق فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) الْبَقَرَةِ ٢٢٧
وَعَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِهِمُ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْهُمْ جَاءَتْ فُرُوعُ مَذَاهِبِهِمْ عَلَى مَا وَصَفْنَا
وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْمُولِيَ إِذَا فَاءَ بِالْوَطْءِ وَحَنَّثَ نَفْسَهُ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إِلَّا رِوَايَةً عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَالْحَسَنِ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إِذَا فَاءَ لِأَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - قَدْ غَفَرَ لَهُ وَرَحِمَهُ
وَهَذَا مَذْهَبٌ فِي الْأَيْمَانِ لِبَعْضِ التَّابِعِينَ فِي كُلِّ مَنْ حَلَفَ عَلَى بِرٍّ أَوْ تَقْوَى أَوْ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْخَيْرِ أَلَّا يَفْعَلَهُ فَإِنَّهُ يَفْعَلُهُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ
وَهُوَ مَذْهَبٌ ضَعِيفٌ تَرُدُّهُ السُّنَّةُ الثَّابِتَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ فَلَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ - بِإِتْيَانِهِ الْخَيْرَ - مَا لَزِمَتْهُ مِنَ الْكَفَّارَةِ
قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُولِي مِنَ امْرَأَتِهِ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا فَتَنْقَضِي الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ قَالَ هُمَا تَطْلِيقَتَانِ إِنْ هُوَ وُقِفَ ولم يفيء وَإِنْ مَضَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ فَلَيْسَ الْإِيلَاءُ بِطَلَاقٍ وَذَلِكَ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ الْأَشْهُرِ الَّتِي كَانَتْ تُوقَفُ بَعْدَهَا مَضَتْ وَلَيْسَتْ لَهُ يَوْمَئِذٍ بِامْرَأَةٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَنَّهُ طَلَّقَ بَعْدَ الْإِيلَاءِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَطَالَبَتْهُ امْرَأَتُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَشْهُرِ بِحَقِّهَا فِي الْجِمَاعِ فَأَوْقَفَ لَهَا بَابًا أَنْ يَفِيءَ إِلَى جِمَاعِهَا مُرَاجَعَتَهَا فَطَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ طَلْقَةً أُخْرَى فَصَارَتَا تَطْلِيقَتَيْنِ
وَلَوِ انْقَضَتِ الْعِدَّةُ قَبْلَ أَمْرِ التَّوْقِيفِ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَوْقِيفٌ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ
وَإِذَا لَمْ يَكُنْ تَوْقِيفٌ لَمْ يَكُنْ طَلَاقٌ غَيْرَ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute