قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْلُومٌ أَنَّهُ إِذَا تَزَوَّجَهَا وَقَدْ كَانَ ظَاهَرَ مِنْهَا إِنْ تَزَوَّجَهَا أَنَّهُ قَدْ أَجْمَعَ عَلَى إِصَابَتِهَا فَكَيْفَ لَا تَجِبُ عليه الكفارة
وقد خالفه بن نَافِعٍ فَأَوْجَبَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ فِي ذَلِكَ وَهَذَا أصل قول مالك
وأما قول بن الْقَاسِمِ إِنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَجِبُ إِذَا مَاتَ أَوْ مَاتَتْ فَقَوْلٌ صَحِيحٌ أَيْضًا أَنَّهُ إِذَا مَاتَ أَوْ مَاتَتْ كَانَتْ إِرَادَةُ الْوَطْءِ كَلَا إِرَادَةَ لِمَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الِامْتِنَاعِ وَالِاخْتِلَافُ بين بن الْقَاسِمِ وَمَا رَوَاهُ أَشْهَبُ إِنَّمَا هُوَ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ إِنْ مَاتَتْ أَوْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ عَزَمَ عَلَى إِمْسَاكِهَا وَكَذَلِكَ إِنْ طَلَّقَهَا
وذكر بن نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ مَا فِي ((الْمُوَطَّإِ)) ثُمَّ قال بن نَافِعٍ الْكَفَّارَةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ أَيْضًا إِذَا أَجْمَعَ عَلَى إِمْسَاكِهَا طَلَّقَ أَمْ لَمْ يُطَلِّقْ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ حزم مثل قول بن الْقَاسِمِ أَنَّ الْعَوْدَ بِالْوَطْءِ وَمَعْنَاهُ إِرَادَةُ الْوَطْءِ كَمَا قُلْنَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لِقَوْلِهِ فِي الْكَفَّارَةِ (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) وَهُوَ الْجِمَاعُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا) الْمُجَادَلَةِ ٣ أَنْ يَعُودَ لِمَا حَرَّمَ اللَّهُ مِنْهَا فَيُمْسِكَهُ فَيَكُونُ إِحْلَالَ مَا حَرَّمَ وَذَلِكَ بِأَنْ لَا يُطَلِّقَهَا فَإِنْ أَمْسَكَهَا سَاعَةً يُمْكِنُهُ فِيهَا طَلَاقُهَا فَلَمْ يَفْعَلْ بَعْدَ أَنْ ظَاهَرَ مِنْهَا فَقَدْ عَادَ لِمَا قَالَ وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ مَاتَتْ أَوْ مَاتَ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ إِلَّا بَعْدَ الْكَفَّارَةِ فَإِنْ طَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَطَأْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ
وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا) الْمُجَادَلَةِ ٣ قَالَ الْجِمَاعُ
وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا) الْمُجَادَلَةِ ٣ قَالُوا يُحَرِّمُهَا ثُمَّ يَعُودُ لِوَطْئِهَا
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ الظِّهَارُ يُوجِبُ تَحْرِيمًا لَا يَرْفَعُهُ إِلَّا الْكَفَّارَةُ
وَمَعْنَى الْعَوْدِ عِنْدَهُمْ أَلَّا يَسْتَبِيحَ وَطْأَهَا إِلَّا بِكَفَّارَةٍ يُقَدِّمُهَا
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ نَفْسَ الْقَوْلِ هُوَ الْعَوْدُ أَيْ عَادَ إِلَى الْقَوْلِ الَّذِي يُقَالُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَجَعَلَهُ مُنْكَرًا وَزُورًا
وَقَالَ غَيْرُهُ قَوْلَهُ