قال بن وَهْبٍ وَحَدَّثَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عَائِشَةَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَرَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرحمن وبن شِهَابٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كُلُّهُمْ يَقُولُ إِنِ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ
قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُخَيَّرَةِ إِذَا خَيَّرَهَا زَوْجُهَا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَقَدْ طُلِّقَتْ ثَلَاثًا وَإِنْ قَالَ زَوْجُهَا لَمْ أُخَيِّرْكِ إِلَّا وَاحِدَةً فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُهُ
قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ خَيَّرَهَا فَقَالَتْ قَدْ قَبِلْتُ وَاحِدَةً وَقَالَ لَمْ أُرِدْ هَذَا وَإِنَّمَا خَيَّرْتُكِ فِي الثَّلَاثِ جَمِيعًا أَنَّهَا إِنْ لَمْ تَقْبَلْ إِلَّا وَاحِدَةً أَقَامَتْ عِنْدَهُ عَلَى نِكَاحِهَا وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِرَاقًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
قَالَ أَبُو عُمَرَ فَرَّقَ مَالِكٌ بَيْنَ التَّمْلِيكِ وَالْخِيَارِ فَقَالَ فِي التَّمْلِيكِ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ عَنْهُ فِي أَبْوَابِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُنَاكِرَهَا وَيَحْلِفَ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ
وَقَالَ فِي الْخِيَارِ إِذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَهُوَ الطَّلَاقُ كله فإن أنكر ذلك زَوْجُهَا فَلَا تُكْرَهُ لَهُ وَلَا يَنْفَعُهُ
قَالَ وَإِنِ اخْتَارَتْ وَاحِدَةً فَلَيْسَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ
قَالَ وَإِنَّمَا الْخِيَارُ الْبَتَّةُ إِمَّا أَخَذَتْهُ وَإِمَّا تَرَكَتْهُ
وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الْخِيَارِ وَالتَّمْلِيكِ هَلْ هُمَا عَلَى الْمَجْلِسِ أَمْ ذَلِكَ بِيَدِهَا حَتَّى تَقْضِيَ فِيهِ
فَقَالَ مَرَّةً وَهُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ إِنَّ الْخِيَارَ عَلَى الْمَجْلِسِ وَأَنَّهُمَا إِنِ افْتَرَقَا مِنْ مَجْلِسِهِمَا قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ فِي الْخِيَارِ فَلَا خِيَارَ لَهَا
وَمَرَّةً قَالَ إِذَا خَيَّرَ امْرَأَتَهُ فَالْأَمْرُ بِيَدِهَا تَخْتَارُ فِيهِ فِرَاقَهُ إِنْ شَاءَتْ وَإِنْ قَامَا مِنَ الْمَجْلِسِ وَلَهَا الْخِيَارُ حَتَّى تُوقَفَ أَوْ يُجَامِعَهَا
وَقَدْ بينا هذا في ((التمهيد))
فاختار بن الْقَاسِمِ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ
وَقَالَ اللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ الْخِيَارُ عَلَى الْمَجْلِسِ
وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ التَّابِعِينَ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ كُلُّهُمْ يَقُولُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ الْخِيَارُ لَهَا مَا لَمْ يَقُومَا مِنْ مَجْلِسِهِمَا