للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا لَا يَقُولُ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ كَانَتْ تَدُورُ عَلَيْهِمْ بِالْأَمْصَارِ الْفَتْوَى وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ

وَلَوِ اشْتَرَطَ عَلَيْهَا زَوْجُهَا فِي حِينِ الْخُلْعِ أَلَّا سُكْنَى لَهَا كَانَ الشرط لاغ وَلَهَا السُّكْنَى كَالْعِدَّةِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا الشَّرْطُ وَكَأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ

وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ لَا سُكْنَى لَهَا وَلَا نَفَقَةَ

وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ فِي الْمُطَلَّقَةِ الْمَبْتُوتَةِ وَهِيَ أَصْلُ هذه المسألة وسيأتي أَقْوَالُهُمْ فِيهَا فِي مَوْضِعِهَا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

وَأَجْمَعَ الْجُمْهُورُ أَنَّ الْخُلْعَ جَائِزٌ عِنْدَ غير السلطان إلا الحسن وبن سِيرِينَ فَإِنَّهُمَا يَقُولَانِ لَا يَكُونُ الْخُلْعُ إِلَّا عِنْدَ السُّلْطَانِ

وَقَالَ قَتَادَةُ إِنَّمَا أَخَذَهُ الْحَسَنُ عَنْ زِيَادٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ النِّكَاحَ وَالطَّلَاقَ يَجُوزُ دُونَ السُّلْطَانِ فَكَذَلِكَ الْخُلْعُ وَلَيْسَ كَاللِّعَانِ الَّذِي لَا يَجُوزُ عِنْدَ السُّلْطَانِ

قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُفْتَدِيَةِ إِنَّهَا لَا تَرْجِعُ إِلَى زَوْجِهَا إِلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ فَإِنْ هُوَ نَكَحَهَا فَفَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا عِدَّةٌ مِنَ الطَّلَاقِ الْآخَرِ وَتَبْنِي عَلَى عِدَّتِهَا الْأُولَى

قَالَ مَالِكٌ وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذلك

قال أبو عُمَرَ إِنَّهَا لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِ إِلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِيهَا

وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَإِنْ هُوَ نَكَحَهَا إِلَى آخِرِ قَوْلِهِ وَأَنَّهُ أَحْسَنُ مَا سَمِعَ فِي ذَلِكَ فَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَتُتِمُّ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا

وَهَذَا أَصْلُ مَالِكٍ فِي الْأَمَةِ تُعْتَقُ فِي عِدَّتِهَا مِنْ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ أَنَّهَا لَا تَتَغَيَّرُ عِدَّتُهَا وَلَا تَنْتَقِلُ إِلَّا فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَلَا فِي الْبَائِنِ كَالْحَدِّ يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ وَلَا يَتَغَيَّرُ بِالْعِتْقِ

وَسَتَأْتِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي بَابِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

وَرُوِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْهُمُ الشَّعْبِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ فِي الْمُخْتَلِعَةِ يَتَزَوَّجُهَا زَوْجُهَا فِي عِدَّتِهَا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَنَّ عَلَيْهَا عِدَّةً كَامِلَةً كَأَنَّهَا عندهم في حكم المدخول بها أنها تَعْتَدُّ مِنَ الْعِدَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>