بِالرُّؤْيَةِ فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ التَّصْرِيحُ فِي ذَلِكَ في حديث بن عباس وغيره في قِصَّةِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ وَفِي قِصَّةِ الْعَجْلَانِيِّ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَنُزُولِ آيَةِ اللِّعَانِ فِي ذَلِكَ وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((قَدْ أُنْزِلَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ)) يَعْنِي آيَاتِ اللِّعَانِ دَلِيلٌ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ
فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ اللِّعَانَ لَا يَجِبُ حَتَّى يَقُولَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ رَأَيْتُكِ تَزْنِينَ أَوْ يَنْفِي حَمْلًا بِهَا أَوْ وَلَدًا مِنْهَا إِلَّا أَنَّ الْأَعْمَى عِنْدَهُ يُلَاعِنُ إذا قَذَفَ امْرَأَتَهُ لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ شَيْءٌ يُدْرِكُهُ بِالْحِسِّ وَاللَّمْسِ
وَقَوْلُ أَبِي الزِّنَادِ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَعُثْمَانَ الْبَتِّيِّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ فِي ذَلِكَ كَقَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ اللِّعَانَ لَا يَجِبُ بِالْقَذْفِ الْمُجَرَّدِ وَإِنَّمَا يَجِبُ بادعاء رؤية الزنى وَنَفْيِ الْحَمْلِ مَعَ دَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ
وَعِنْدَهُمْ أَنَّهُ إِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ يَا زَانِيَةُ جُلِدَ الْحَدَّ لقول الله عز وجل (والذين يرمون المحصنت)
وَسَتَأْتِي أَحْكَامُ نَفْيِ الْحَمْلِ وَمَا لِمَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ بَعْدَ هَذَا فِي معنى حديث بن عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَالْحُجَّةُ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ فِيمَا يُوجِبُ اللِّعَانُ
وَعِنْدَهُ قَائِمَةٌ مِنَ الْآثَارِ الْمُسْنَدَةِ وَقَدْ ذَكَرْتُهَا فِي ((التَّمْهِيدِ))
مِنْهَا حَدِيثُهُ عَنِ بن شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ
وَمِثْلُهُ حَدِيثُ بن عَبَّاسٍ مِنْ رِوَايَةِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْهُ رَوَاهُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ عَنِ الْقَاسِمِ عَنِ بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ ذُكِرَ الْمُتَلَاعِنَانِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ فِي ذَلِكَ قَوْلًا ثُمَّ انْصَرَفَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ يَشْكُو إِلَيْهِ أَنَّهُ وَجَدَ مَعَ أَهْلِهِ رَجُلًا فَقَالَ عَاصِمٌ مَا ابْتُلِيتَ بِهَذَا إِلَّا لِقَوْلِي فَذَهَبَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُصْفَرًّا قَلِيلَ اللَّحْمِ سَبِطَ الشَّعْرِ وَكَانَ الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ وَجَدَ عِنْدَ أَهْلِهِ خَدْلًا آدَمَ كَثِيرَ اللَّحْمِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((اللَّهُمَّ! بَيِّنْ)) فَوَضَعَتْ شَبِيهًا بِالرَّجُلِ الَّذِي ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَهَا فَلَاعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمَجْلِسِ أَهِيَ الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَوْ رَجَمْتُ أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute