للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُلَاعِنُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَنْطَلِقُ لِسَانُهُ فَيُنْكِرُ الْقَذْفَ وَاللِّعَانَ فَلَا يُمْكِنُنَا إِقَامَةُ الْحَدِّ عليه

واختلفوا في الزوج إذا أبى من اللعان بعد ما ادعاه من رؤية الزنى أَوْ بَعْدَ قَذْفِهِ لَهَا

فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِنْ لَمْ يَلْتَعِنْ حُدَّ

وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ اللِّعَانَ لِلزَّوْجِ بَرَاءَةٌ كَالشَّهَادَةِ لِلْأَجْنَبِيِّ بَرَاءَةٌ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْأَجْنَبِيُّ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ حُدَّ فَكَذَلِكَ الزَّوْجُ إِنْ لَمْ يَلْتَعِنْ حُدَّ

وَفِي حديث بن عُمَرَ وَغَيْرِهِ فِي قِصَّةِ الْعَجْلَانِيِّ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ لِقَوْلِهِ إِنْ قَتَلْتُ قُتِلْتُ وَإِنْ نَطَقْتُ جُلِدْتُ وَإِنْ سَكَتُّ سَكَتُّ عَلَى غَيْظٍ

وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ ولامرأته ((عَذَابُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ))

وَسَنَذْكُرُ هَذِهِ الْآثَارَ فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

وَاخْتَلَفُوا هَلْ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُلَاعِنَ إذا أقام شهوده بالزنى

فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ يُلَاعِنُ كَانَ لَهُ شُهُودٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّ الشُّهُودَ لَا عَمَلَ لَهُمْ إِلَّا دَرْءُ الْحَدِّ وَأَمَّا رَفْعُ الْفِرَاشِ ونفي الولد فلا بد مِنَ اللِّعَانِ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا تَعْمِلُ شَهَادَتُهُمْ فِي دَرْءِ حَدِّ الْقَذْفِ عَنِ الزَّوْجِ وَإِيجَابِهِ عَلَيْهَا

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِنَّمَا جُعِلَ اللِّعَانُ عَلَى الزَّوْجِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شُهَدَاءُ غَيْرَ نَفْسِهِ

وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ

وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرْأَةِ إِذَا أَبَتْ مِنَ اللِّعَانِ بَعْدَ الْتِعَانِ الزَّوْجِ

فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَكْثَرُ السُّلَفِ إِنْ أَبَتْ أَنْ تَلْتَعِنَ حُدَّتْ وَحَدُّهَا الرَّجْمُ إِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا أَوِ الْجَلْدُ إِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا

وَحُجَّتُهُمْ قول الله عز وجل (ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهدت بِاللَّهِ) الْآيَةَ النُّورِ ٨

وَرَوَى يَزِيدُ النَّحْوِيُّ عَنْ عكرمة عن بن عَبَّاسٍ قَالَ إِذَا لَمْ يَحْلِفِ الْمُتَلَاعِنَانِ أُقِيمَ الْجَلْدُ أَوِ الرَّجْمُ

وَقَالَ الضَّحَّاكُ فِي قَوْلِهِ (ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهدت بالله الآية قَالَ إِنْ أَبَتْ أَنْ تُلَاعِنَ رُجِمَتْ إِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَجُلِدَتْ إِنْ كَانَتْ بِكْرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>