قَالَ فَلَا وَجْهَ لِلِعَانٍ بِغَيْرِ اسْتِيقَانٍ
وَمَنْ رَأَى اللِّعَانَ عَلَى الْحَمْلِ إِذَا نَفَاهُ فَحُجَّتُهُ الآثار المتواترة من حديث بن عباس وحديث بن مَسْعُودٍ وَحَدِيثِ أَنَسٍ وَحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَاعَنَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَقَالَ إِنْ جَاءَتْ بِهِ عَلَى صِفَةِ كَذَا فَهُوَ لِزَوْجِهَا وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ عَلَى صِفَةِ هَذَا فَمَا أَرَاهُ إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا
وَقَدْ ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فِي ((التَّمْهِيدِ)) وَهِيَ مُتَكَرِّرَةٌ فِي الْمُصَنَّفَاتِ وَالْمَسَانِيدِ
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ مَنْ أَقَرَّ بِالْحَمْلِ وَبَانَ لَهُ وَلَمْ يُنْكِرْهُ وَلَمْ يَنْفِهِ ثُمَّ نَفَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَيُجْلَدُ الْحَدَّ إِلَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالثَّوْرِيِّ فَإِنَّهُ يُلَاعَنُ وَلَا يُجْلَدُ عَلَى أصلهم
وأما قول بن عُمَرَ فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا - يَعْنِي بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ - فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ وُقُوعِ الْفُرْقَةِ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ
فَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ إِذَا فَرَغَا جَمِيعًا مِنَ اللِّعَانِ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ وَإِنْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا الْحَاكِمُ
وَبِهِ قَالَ زُفَرُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ
وَهُوَ عِنْدِي مَعْنَى قَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ لِأَنَّهُ قَالَ لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ بِلِعَانِ الزَّوْجِ وَحْدَهُ
قَالَ وَلَوِ الْتَعَنَ الزَّوْجُ ثُمَّ مَاتَ فَلَا لعان ولاحد وَيَتَوَارَثَانِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا قَالَ الزَّوْجُ الشَّهَادَةَ الْخَامِسَةَ وَالِالْتِعَانَ فَقَدْ زَالَ فِرَاشُ امْرَأَتِهِ وَوَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا
قَالَ وَلَوْ لَمْ يُكْمِلِ الْخَامِسَةَ وَمَاتَ وَرِثَهُ ابْنُهُ وَزَوْجَتُهُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ بَعْدَ فَرَاغِهِمَا مِنَ اللِّعَانِ حَتَّى يُفَرِّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا
وَبِهِ قَالَ الثوري وأحمد
قال الثَّوْرِيُّ إِذَا تَلَاعَنَا وَفَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا لَمْ يَجْتَمِعَا أَبَدًا
وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ أخذو ذَلِكَ عَنْهُ إِذَا تَلَاعَنَا فَلَا أَرَى اللِّعَانَ يَنْقُصُ شَيْئًا يَعْنِي مِنَ الْعِصْمَةِ