للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى مُجَوَّدًا فِي أَوَّلِ بَابِ الطَّلَاقِ وَذَكَرْنَا مَا عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي طَلَاقِ الثَّلَاثِ الْمُجْتَمِعَاتِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَذَكَرْنَا أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا مِنَ الشُّذُوذِ الَّذِي لَا يعرج عليه لأن حديث طاوس عن بن عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ أَبِي الصَّهْبَاءِ لَمْ يُتَابَعْ عليه طاوس وأن سائر أصحاب بن عَبَّاسٍ يَرْوُونَ عَنْهُ خِلَافَ ذَلِكَ عَلَى مَا قد بيناه فيما مضى

وما كان بن عَبَّاسٍ لِيَرْوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - شَيْئًا ثُمَّ يُخَالِفُهُ إِلَى رَأْيِ نَفْسِهِ بَلِ الْمَعْرُوفُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ أَنَا أَقُولُ لَكُمْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ قَالَهُ فِي فَسْخِ الْحَجِّ وَغَيْرِهِ

وَمِنْ هُنَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِنَّ حَدِيثَ طَاوُسٍ فِي قِصَّةِ أَبِي الصَّهْبَاءِ لَا يَصِحُّ مَعْنَاهُ

وَقَدْ أَوْضَحْنَا ذَلِكَ بِمَبْلَغِ وُسْعِنَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الطَّلَاقِ وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا

وَمِنَ الْأَسَانِيدِ فِي حَدِيثِ طَاوُسٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ مَا حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عاصم عن بن جريج عن بن طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا الصَّهْبَاءِ جَاءَ إلى بن عباس فقال يا بن عَبَّاسٍ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الثَّلَاثَ كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَصَدْرٍ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ تُرَدُّ إِلَى الْوَاحِدَةِ فَقَالَ نَعَمْ

وَأَمَّا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ إِيَاسِ بْنِ بُكَيْرٍ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّمَا طَلَاقِي إِيَّاهَا وَاحِدَةٌ فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ

أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَرَادَ لَمْ أُرِدْ إِلَّا وَاحِدَةً فَأَجَابَهُ بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَدْ لَزِمَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَقَالَ أَرْسَلْتَ مَنْ يَتْرُكُ مَا كَانَ لَهُ مِنْ فَضْلٍ

وَالْآخَرُ أَنَّ قَوْلَهُ إِنَّمَا طَلَاقِي إِيَّاهَا وَاحِدَةٌ أَيْ أَنَّ الثَّلَاثَ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَاحِدَةٌ عِنْدَ غَيْرِكَ فلم يلتفت بن عَبَّاسٍ إِلَيْهِ وَأَخْبَرَهُ أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ

١١٥٦ - وَذَكَرَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>