وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُسْتَحَاضَةِ ((دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ))
وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِفَاطِمَةَ ((وَصَلِّي مَا بَيْنَ الْقُرْءِ إِلَى الْقُرْءِ)) وَبِأَشْيَاءَ يَطُولُ ذِكْرُهَا
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي أُمِّ الْوَلَدِ بِأَنَّهَا لَا تُنْكَحُ عِنْدَنَا حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ حَيْضَتِهَا وَأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقُرْءَ الْحَيْضَةُ
فَقَدْ أَجَازَ إِسْمَاعِيلُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا لِأُمِّ الْوَلَدِ أَنْ تَتَزَوَّجَ إِذَا دَخَلَتْ فِي الْحَيْضَةِ لِأَنَّ ظُهُورَ الدَّمِ بَرَاءَةٌ لِلرَّحِمِ فِي الْأَغْلَبِ
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قال (ثلثة قُرُوءٍ) الْبَقَرَةِ ٢٢٨ وَمَنْ طَلَّقَ فَقَدْ مَضَى مِنَ الطُّهْرِ بَعْضُهُ فَلَمْ يَكْمُلْ لَهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ بِدُخُولِهَا فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ بَلْ هِيَ قُرْآنِ وَبَعْضُ الثَّالِثِ
فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُبْتَغَى مِنَ الْأَقْرَاءِ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ وَهُوَ خُرُوجُ الْمَرْأَةِ مِنَ الطُّهْرِ إِلَى الدَّمِ فَذَلِكَ الْوَقْتُ هُوَ الْمُبْتَغَى وَهُوَ الْمُرَاعَى وَقَدْ حَصَلَ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ كَامِلَةٍ لِدُخُولِهَا مِنَ الدَّمِ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ
وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِلْمُسْتَحَاضَةِ ((دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ)) فَإِنَّهُ أَرَادَ الْقُرْءَ الَّذِي هُوَ الْحَيْضُ وَتَتْرُكُ لَهُ الصَّلَاةَ وَلَمْ يُرِدِ الْقُرْءَ الَّذِي تَعْتَدُّ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ وَهُوَ الطهر بدليل حديث بن عُمَرَ الْمُتَكَرِّرِ
وَقَدْ أَوْضَحْنَا أَنَّ الْحَيْضَ يُسَمَّى قُرْءًا كَمَا أَنَّ الطُّهْرَ يُسَمَّى قُرْءًا إِلَّا أَنَّ الْقُرْءَ الَّذِي هُوَ الدَّمُ لَيْسَ هُوَ المراد من قول الله تعالى (ثلثة قُرُوءٍ) الْبَقَرَةِ ٢٢٨ بَلِ الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ الْأَطْهَارُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِدَلِيلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ لِلْعِدَّةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ وَلَا حَيْضٍ فَتَبْتَدِئُ عِدَّتُهَا مِنْ سَاعَةِ طَلَاقِهِ لَهَا
وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى (فَطَلِّقُوهُنَّ لِقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ) أَيْ لِاسْتِقْبَالِ عِدَّتِهِنَّ
وَأَجْمَعُوا فِي كُلِّ امْرَأَةٍ عَلِمَتْ بِطَلَاقِ زَوْجِهَا لَهَا فِي حِينِ طَلَّقَهَا أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ تَبْتَدِئَ عِدَّتُهَا مِنْ سَاعَةِ وُقُوعِ طَلَاقِهَا