وَمَنْ صَحَّحَ حَدِيثَ نَبْهَانَ قَالَ إِنَّهُ مَعْرُوفٌ وقد روى عنه بن شِهَابٍ وَلَمْ يَأْتِ بِمُنْكَرٍ
وَزَعَمَ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحِجَابِ لَسْنَ كَسَائِرِ النِّسَاءِ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء) الْأَحْزَابِ ٢٣
وَقَالَ إِنَّ نِسَاءَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا يُكَلَّمْنَ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ مُتَجَالَّاتٍ كُنَّ أَوْ غَيْرَ مُتَجَالَّاتٍ
وَقَالَ السِّتْرُ وَالْحِجَابُ عَلَيْهِنَّ أَشَدُّ مِنْهُ عَلَى غَيْرِهِنَّ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَحَدِيثِ نَبْهَانَ عَنْ أَمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَأَمَّا قَوْلُهَا إِنَّ أَبَا مُعَاوِيَةَ وَأَبَا جَهْمِ بْنَ هِشَامٍ خَطَبَانِي فَقَدْ وَهِمَ فِيهِ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى صَاحِبُنَا وَغَلَطَ غَلَطًا سَمْحًا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّحَابَةِ أَحَدٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو جَهْمِ بْنُ هِشَامٍ وَلَا قَالَهُ أَحَدٌ مِنْ رُوَاةِ مَالِكٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَا غَيْرِ مَالِكٍ وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو جَهْمٍ هَكَذَا جَاءَ ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ جَمَاعَةِ رُوَاتِهِ غَيْرُ مَنْسُوبٍ وَهُوَ أَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ بْنِ غَانِمٍ الْعَدَوِيُّ الْقُرَشِيُّ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ بِمَا يَكْفِي مِنْ ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِهِ وَأَظُنُّ يَحْيَى شُبِّهَ عَلَيْهِ بِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَفِي تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِنْكَارَ عَلَى فَاطِمَةَ وَقَوْلِهَا إِنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي وَلَا أَنْكَرَ عَلَيْهَا ذَلِكَ بَلْ خَطَبَهَا مَعَ ذَلِكَ لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةٍ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ النِّكَاحِ عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ نَهْيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ الرُّكُونُ وَالْمَيْلُ وَالْمُقَارَبَةُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ حِينَئِذٍ أَنْ يَخْطُبَ أَحَدٌ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ وَهَذَا فِي مَعْنَى نَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ أَخْبَرَ عَلَى أَخِيهِ لِمَنْ يَسْتَنْصِحُهُ فِيهِ عِنْدَ الْخِطْبَةِ لِمَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الْخُلُقِ الْمَذْمُومِ الْمَعِيبِ فَلَيْسَ بِمُغْتَابٍ
وَأَمَّا قَوْلُهُ ذَلِكَ لَيْسَ بِغِيبَةٍ وَأَنَّهُ جَائِزٌ حَسَنٌ مِنَ النَّصِيحَةِ الَّتِي هِيَ الدِّينُ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((إِذَا اسْتَنْصَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَنْصَحْ لَهُ فَإِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ))
وَفِي هَذَا الْبَابِ سُؤَالُ الْحَاكِمِ عَنِ الشَّاهِدِ عنده فواجب على المسؤول أن يقول