للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي شَرِيكٌ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ يُؤَجَّلُ الْعِنِّينُ سَنَةً

قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا جَمَاعَةٌ التَّابِعِينَ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ أَنَّ الْعِنِّينَ يُؤَجَّلُ سَنَةً مِنْ يَوْمِ يُرْفَعُ إِلَى السُّلْطَانِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ بِأَنَّهُ أَجَّلَهُ عَشْرَةَ أَشْهُرٍ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ

وَإِنَّمَا أَجَّلَهُ سَنَةً فِيمَا ذُكِرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِتَكْمُلَ لَهُ الْمُدَاوَاةُ وَالْعِلَاجُ فِي أَزْمَانِ السَّنَةِ كُلِّهَا لِاخْتِلَافِ أَعْرَاضِ الْعِلَلِ فِي أَزْمِنَةِ الْعَامِ وَفُصُولِهِ فَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ فِي السَّنَةِ يَئِسُوا مِنْهُ وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ

وَالْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمَا وَالثَّوْرِيِّ

وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ الْفُرْقَةَ وَاقِعَةٌ لِسَبَبٍ مِنَ الزَّوْجِ فَكَانَ طَلَاقًا

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَأَبُو ثَوْرٍ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا فَسْخٌ لَيْسَتْ بِطَلَاقٍ

قَالَ الشَّافِعِيُّ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ إِلَيْهَا دُونَهُ لَا تَقَعُ إِلَّا بِاخْتِيَارِهَا وَلَوْ رَضِيَتْ بِهِ عَلَى ذَلِكَ وَأَقَامَتْ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَقَعْ فُرْقَةٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَإِذَا لَمْ تَكُنِ الْفُرْقَةُ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ فَهُوَ فَسْخٌ لَا طَلَاقٌ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَمَسْأَلَةِ الْأَمَةِ تُعْتَقُ تَحْتَ الْعَبْدِ فَتَخْتَارُ فِرَاقَهُ وَاخْتِلَافُهُمْ فِيهَا سَوَاءٌ إِلَّا مَنْ خَالَفَ أَصْلَهُ وَقِيَاسَهُ

وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْعِنِّينِ وَامْرَأَتِهِ بَعْدَ تَمَامِ السَّنَةِ إِلَّا أَنْ تَطْلُبَ ذَلِكَ وَتَخْتَارَهُ

وَرَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ كَتَبَ إِلَيَّ عُمَرُ أَنْ أَجِّلْهُ سَنَةً فَإِنْ أَصَابَهَا وَإِلَّا خَيَّرَهَا فَإِنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ مَعَهُ وَإِنْ شَاءَتْ فَارَقَتْهُ

وَالْعِنِّينُ الَّذِي يُؤَجَّلُ عِنْدَ مَالِكٍ هُوَ الْمُعْتَرِضُ عَنِ امْرَأَتِهِ وَهُوَ يَطَأُ غَيْرَهَا بِعَارِضٍ عَرَضَ لَهُ

وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَطْءِ بِعَارِضٍ وَقَدْ كَانَ تَقَدَّمَ مِنْهُ الْوَطْءُ أَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْ إِذَا كَانَ بِصِفَةِ مَنْ يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ

وَهَذِهِ الصِّفَاتُ فِي الْمُعْتَرِضِ الَّذِي يُؤَجَّلُ سَنَةً

وَأَمَّا الْعِنِّينُ وَالْمَجْبُوبُ وَالْخَصِيُّ فَلَا يُؤَجَّلُونَ وَامْرَأَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَتْ رَضِيَتْ وَإِنْ شَاءَتْ فَارَقَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>