وَأَمَّا بَلَاغُ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَرَوَاهُ عَنْهُ قَتَادَةُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ
ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ قَالَ طَلَّقَ جَارٌ لِي سَكْرَانُ فَأَمَرَنِي أَنْ أَسَالَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَسَأَلْتُهُ فقال يفرق بينه وبين امرأته ويجلد ثمانون جَلْدَةً
قَالَ وَحَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ إِذَا طَلَّقَ السَّكْرَانُ أَوْ أَعْتَقَ جَازَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ وَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ
إِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وأصحابهما والثوري وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ
وَعَنِ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ
إِحْدَاهُمَا مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي أَنَّ طَلَاقَهُ لَازِمٌ فِي حَالِ سُكْرِهِ وَهُوَ الْأَشْهَرُ عَنْهُ
وَالثَّانِيَةُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ السَّكْرَانَ طَلَاقُهُ فِي حَالِ سُكْرِهِ
وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ وَذَهَبَ إِلَيْهِ وَخَالَفَهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فَأَلْزَمُوهُ طَلَاقَهُ
وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَجَازَ طَلَاقَ السَّكْرَانِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ طَلَاقُ السَّكْرَانِ وَعُقُودُهُ وَأَفْعَالُهُ جَائِزَةٌ عَلَيْهِ كَأَفْعَالِ الصَّاحِي إِلَّا الرِّدَّةَ فَإِنَّهُ إِنِ ارْتَدَّ لَا تَبِينُ مِنْهُ امْرَأَتُهُ اسْتِحْسَانًا
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَكُونُ مُرْتَدًّا فِي سُكْرِهِ
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِنْ قَذَفَ السَّكْرَانُ حد وإن قتل قتل وإن زنا أَوْ سَرَقَ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَلَا يَجُوزُ إِقْرَارُهُ فِي الْحُدُودِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنِ ارْتَدَّ سَكْرَانٌ فَمَاتَ كَانَ مَالُهُ فَيْئًا وَلَا نَقْتُلُهُ فِي سُكْرِهِ وَلَا نَسْتَتِيبُهُ فِيهِ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ طَلَاقُ السَّكْرَانِ وَعِتْقُهُ جَائِزٌ عَلَيْهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَلْزَمَهُ مَالِكٌ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ وَالْقَوَدَ مِنَ الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ وَلَمْ يُلْزِمْهُ النِّكَاحَ وَالْبَيْعَ
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي طَلَاقِ السَّكْرَانِ أَنَّهُ أَجَازَهُ عَلَيْهِ وَإِسْنَادُهُ فِيهِ لِينٌ
ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي وَكِيعٌ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْخِرِّيتِ عَنْ أَبِي لَبِيدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَجَازَ طَلَاقَ السَّكْرَانِ بِشَهَادَةِ النِّسْوَةِ