وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ
وَذَلِكَ كله شذوذ لا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ وَلَا يَلْتَفِتُ الْفُقَهَاءُ إِلَيْهِ
وَالصَّحِيحُ فِي وَطْءِ الْمَجُوسِيَّاتِ وَالْوَثَنِيَّاتِ مَا ذَكَرَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ مِنْ فِعْلِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي غَزْوِهِمُ الْفُرْسَ وَسَائِرَ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ الْحَسَنَ يَقُولُ كُنَّا نَغْزُو مَعَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا أَصَابَ أَحَدُهُمُ الْجَارِيَةَ مِنَ الْفَيْءِ فَأَرَادَ أَنْ يُصِيبَهَا أَمَرَهَا فَغَسَلَتْ ثِيَابَهَا وَاغْتَسَلَتْ ثُمَّ عَلَّمَهَا الْإِسْلَامَ وَأَمَرَهَا بِالصَّلَاةِ وَاسْتَبْرَأَهَا بِحَيْضَةٍ ثُمَّ أَصَابَهَا
وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ لا تحل لِرَجُلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً مُشْرِكَةً أَنْ يَطَأَهَا حَتَّى تَغْتَسِلَ وَتُصَلِّيَ وَتَحِيضُ عِنْدَهُ حَيْضَةً
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ السُّنَّةُ أَنْ لَا يَقَعَ عَلَيْهَا حَتَّى تُصَلِّيَ إِذَا اسْتَبْرَأَهَا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَيَسْتَبْرِئُهَا وَتَغْسِلُ نَفْسَهَا ثُمَّ يُصِيبُهَا
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِمْ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ وَأَحْبَبْنَا الْفِدَاءَ فَأَرَدْنَا أَنْ نَعْزِلَ فَقَدِ احْتَجَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَنَا فِي أُمِّ الْوَلَدِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ بَيْعُهَا لَمْ يُرَاعُوا الْعَزْلَ وَلَمْ يُبَالُوا بِالْحَمْلِ
وَهَذَا عِنْدِي لَا حُجَّةَ فِيهِ قَاطِعَةً لَازِمَةً لِأَنَّ الْأُمَّةَ الْمُجْتَمِعَةَ عَلَى أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ سَيِّدِهَا وَمُمْكِنٌ أَنْ يُرِيدُوا تَعْجِيلَ الْبَيْعِ وَالْفِدَاءِ وَخَشَوْا إِنْ لَمْ يَعْزِلُوا أَنْ يَحْمِلْنَ مِنْهُمْ وَأَرَادُوا الْعَزْلَ وَلَمْ يَعْرِفُوا جَوَازَهُ فِي الشَّرْعِ لِأَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ يُحَرِّمُونَ الْعَزْلَ فَسَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا فِي الْحَدِيثِ عَلَى حَسَبِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ بَعْدَ وَضْعِهَا مِنْ سَيِّدِهَا وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ مُسْتَوْعَبًا فِي بَابِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا فَمَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ
فَقِيلَ مَا عَلَيْكُمْ فِي الْعَزْلِ وَلَا فِي امْتِنَاعِكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ فَاعْزِلُوا أَوْ لَا تَعْزِلُوا فَقَدْ فُرِغَ مِنَ الْخَلْقِ وَإِعْدَادِهِمْ وَمَا قُضِيَ وَسَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَا محالة