وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَلَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى وَلَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا مَا يَشَاءُ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يشاء ومن عذبه فبذنبه ويعفوا عَمَّنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَنْ لَمْ يُوَفِّقْهُ فَلَيْسَ بِظَالِمٍ لَهُ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ
رُوِّينَا أَنَّ بِلَالَ بْنَ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ لِمُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ مَا تَقُولُ فِي الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَسْأَلُ عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ وَإِنَّمَا يَسْأَلُهُمْ عَنْ أَعْمَالِهِمْ
وَإِنَّمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السَّبْيَ يَقْطَعُ الْعِصْمَةَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ الْكَافِرَيْنِ وَلِذَلِكَ يَحِلُّ لِمَنْ وَقَعَتْ جَارِيَةٌ مِنَ الْمَغْنَمِ فِي سَهْمِهِ أَنْ يَطَأَهَا إِذَا اسْتَبْرَأَ رَحِمَهَا بِحَيْضَةٍ وَكَانَتْ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ
وَأَمَّا أَقَاوِيلُ الْفُقَهَاءِ فِي الْعَزْلِ عَنِ الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ
فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَعْزِلُ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ الْحُرَّةَ إِلَّا بِإِذْنِهَا وَلَا بَأْسَ أَنْ يَعْزِلَ عَنْ أَمَتِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهَا وَمَنْ كَانَتْ تَحْتَهُ أَمَةُ قَوْمٍ فَلَا يَعْزِلْ إِلَّا بِإِذْنِهِمْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ الْحُرَّةَ لَا يَعْزِلُ عَنْهَا زَوْجُهَا إِلَّا بِإِذْنِهَا وَلَهُ أَنْ يَعْزِلَ عَنْ أَمَتِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهَا كَمَا لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا الْوَطْءَ جُمْلَةً
وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَزْلِ عَنِ الزَّوْجَةِ الْأَمَةِ
فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الْإِذْنُ فِي الْعَزْلِ عَنِ الزَّوْجَةِ الْأَمَةِ إِلَى مَوْلَاهَا كَقَوْلِ مَالِكٍ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْزِلَ عَنِ الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ إِلَّا بِإِذْنِهَا
وَقَدْ قِيلَ أَنْ لَا يَعْزِلَ عَنِ الزَّوْجَةِ الْأَمَةِ دُونَ إِذْنِهَا وَدُونَ إِذْنِ مَوْلَاهَا وَلَيْسَ لَهُ الْعَزْلُ عَنِ الْحُرَّةِ إِلَّا بِإِذْنِهَا
وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ لَا يَعْزِلُ عَنِ الزَّوْجَةِ الْأَمَةِ إِلَّا بِإِذْنِهَا
وَفِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ وَزَعَمَ أَنَّهُ كَانَ يَعْزِلُ عَنْهَا أَنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ بِهِ
وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ
وَسَيَأْتِي هَذَا الْمَعْنَى بِمَا فِيهِ لِلْعُلَمَاءِ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى