للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ وَفِيهِ قَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ تَمْكُثُ فِي شَرِّ أَحْلَاسِهَا فِي بَيْتِهَا إِلَى الْحَوْلِ فَإِذَا كَانَ الْحَوْلُ ومر كلب رمته ببعرة ثم خرجت فلأربعة أشهر وعشر

قَالَ وَالْأَحْلَاسُ جَمْعُ حِلْسٍ فَهُوَ كَالْمَسْحِ مِنَ الشَّعْرِ مِمَّا يَلِي ظَهْرَ الْبَعِيرِ فَكَانَتْ تَرْمِي الْكَلْبَ بِالْبَعْرَةِ بَعْدَ اعْتِدَادِهَا عَلَى زَوْجِهَا عَامًا كَامِلًا

وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى أَشَارَ لَبِيدٌ فِي قَوْلِهِ

وَهُمُ رَبِيعٌ لِلْمُجَاوِرِ فِيهِمُ وَالْمُرْمِلَاتِ إِذَا تَطَاوَلَ عَامُهَا

وَنَزَلَ الْقُرْآنُ بِذَلِكَ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ متعا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ) الْآيَةَ الْبَقَرَةِ ٢٤٠ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) الْبَقَرَةِ ٢٣٤

وَهَذَا مِنَ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ الَّذِي لَمْ يَخْتَلِفْ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ فِيهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((وَكَيْفَ لَا تَصْبِرُ إِحْدَاكُنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَقَدْ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَصْبِرُ حَوْلًا))

قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَمْكُثُ حَوْلًا)) بَيَانٌ وَاضِحٌ فِي أَنَّ الْحَوْلَ فِي عِدَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا مَنْسُوخٌ بِالْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَالْعَشْرِ

وَهَذَا مَعَ وُضُوحِهِ فِي السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ الْمَنْقُولَةِ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ الْعُدُولِ إِجْمَاعٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ لَا خِلَافَ فِيهِ

وَهَذَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْمَنْسُوخِ فِي الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهِ فِي أَنَّ الْحَوْلَ فِي عِدَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا مَنْسُوخٌ إِلَى أَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَالْعَشْرِ

وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْآيَةِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وصية لأزوجهم متعا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ) مَنْسُوخٌ كُلُّهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ فِي نَسْخِ الْوَصِيَّةِ بِالسُّكْنَى لِلزَّوْجَاتِ فِي الْحَوْلِ إِلَّا رِوَايَةً شَاذَّةً مَهْجُورَةً جَاءَتْ عن أبي نجيح عن مجاهد لم يتابع بن أَبِي نَجِيحٍ عَلَيْهَا وَلَا قَالَ بِهَا فِيمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَالْعَشْرِ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْخَالِفِينَ فِيمَا عَلِمْتُ

وَأَمَّا سُكْنَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَالْعَشْرِ فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>