وروى بن عُيَيْنَةَ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ قَوْلَهَا إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ
وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَفْظٌ مَجْمُوعٌ لِعُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ ذَكَرَهُ مَنْ ذَكَرَهُ فِي حديث بن شِهَابٍ وَهِشَامٍ وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ فِي أَحَدِهِمَا وَالْأَكْثَرُ يَقُولُونَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَفْلَحُ بْنُ أَبِي الْقُعَيْسِ
وَلَفْظُ حَدِيثِ عُقَيْلٍ إِنَّ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ الَّذِي أَرْضَعَنِي وَإِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي امْرَأَتُهُ
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتِ اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ بْنُ أَبِي الْقُعَيْسِ فَلَمْ آذَنْ لَهُ فَقَالَ إِنِّي عَمُّكِ أَرْضَعَتْكِ امْرَأَةُ أَخِي بِلَبَنِ أَخِي فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ((صَدَقَ هُوَ عَمُّكِ فَأْذَنِي لَهُ))
وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ
وَقَدْ ذَكَرْنَا الأسانيد في أحاديث بن شِهَابٍ وَغَيْرِهِ بِهَذَا الْمَعْنَى مُسْنَدَةً فِي بَابِ حديث بن شِهَابٍ مِنَ ((التَّمْهِيدِ) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَفِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ عَنْ عُقَيْلٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ بن شِهَابٍ قَالَ عُرْوَةُ فَلِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ حَرَّمْنَا مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ
قال بن شِهَابٍ فَنَرَى ذَلِكَ يَحْرُمُ مِنْهُ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مِنَ السَّلَفِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي لَبَنِ الْفَحْلِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَكَانَتْ هَذِهِ السُّنَّةُ الْوَارِدَةُ مِنْ نَقْلِ الْعُدُولِ تُبَيِّنُ مَوْضِعَ الصَّوَابِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
وَمَعْنَى اللَّبَنِ لِلْفَحْلِ أَنْ يَكُونَ زَوْجُ الْمُرْضِعَةِ أَبًا لِلطِّفْلِ الْمُرْضَعِ وَتَكُونَ أَوْلَادُهُ مِنْ تِلْكَ الْمَرْأَةِ وَمِنْ غَيْرِهَا إِخْوَةً لَهُ كَمَا يَكُونُ أَوْلَادُ الْمَرْأَةِ الْمُرْضِعَةِ إِخْوَةً لَهُ مِنْ ذَلِكَ الزَّوْجِ وَمِنْ غَيْرِهِ
وَفِي هَذَا الْمَعْنَى تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَلَوْ وَصَلَ إِلَيْهِمُ الْحَدِيثُ مَا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِيهِ فَإِنَّ مَالِكًا وَالشَّافِعِيَّ وَأَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُمْ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعِدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ وَأَبَا ثَوْرٍ وَأَبَا عُبَيْدَةَ ذَهَبُوا كُلُّهُمْ إِلَى التَّحْرِيمِ بِلَبَنِ الفحل
وهو مذهب بن عباس وأصحابه وعطاء وطاوس ومجاهد وأبو الشعثاء