وقد روى بن جريج عن عمرو بن دينار عن بن عمر أنه قيل له قضى بن الزُّبَيْرِ بِأَلَّا تُحَرِّمَ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ
فَقَالَ قضاء الله خير من قضاء بن الزُّبَيْرِ حَرَّمَ الْأُخْتَ مِنَ الرَّضَاعَةِ
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَأُمُّ الْفَضْلِ وَعَائِشَةُ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهَا لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ وَلَا الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ وَلَا الْإِمْلَاجَةُ وَلَا الْإِمْلَاجَتَانِ
وَبِهِ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ
وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ((لَا تُحَرِّمُ الْإِمْلَاجَةُ وَلَا الإملاجتان))
ومنهم من يرويه الرضعة لا الرَّضْعَتَانِ
قَالُوا فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ حَرَّمَ
وَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الثَّلَاثَ رَضَعَاتٍ فَمَا فَوْقَهَا تُحَرِّمُ وَلَا تُحَرِّمُ مَا دُونَهَا
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ وبن نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ))
قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ((لا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ وَلَا الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ))
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ إلا خمس رضعات متفرقات احتج بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ وَلَا الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ))
وَمِمَّا رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قال سألت بن الزُّبَيْرِ عَنِ الرَّضَاعِ فَقَالَ لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ ولا الرضعتان ولا الثلاث
قال أصحابه وبن الزُّبَيْرِ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لا تُحَرِّمُ الثَّلَاثُ أَيْضًا وَأَفْتَى بِهِ
وَذَكَرُوا عَنِ بن مَسْعُودٍ وَأَبِي مُوسَى وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا أَنْبَتَ اللَّحْمَ وَالدَّمَ وَأَنْشَزَ الْعَظْمَ وَفَتَقَ الْأَمْعَاءَ
وَهَذِهِ أَلْفَاظُهُمْ مُفْتَرِقَةٌ جَمَعْتُهَا
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا عن بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ إِلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ
وَرَوَاهُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بِإِسْنَادِهِ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ فِيمَا أَنْزِلُ مِنَ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ مِمَّا نَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ))
فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ مَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَعَاتِ وَكَانَ مُفَسِّرًا لِقَوْلِهِ لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَالرَّضْعَتَانِ
فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ وَلَا الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ خَرَجَ عَلَى جَوَابِ سَائِلٍ سَأَلَهُ عَنِ الرَّضْعَةِ وَالرَّضْعَتَيْنِ هَلْ تُحَرِّمَانِ فَقَالَ لَا لِأَنَّ مِنْ سُنَّتِهِ وَشَرِيعَتِهِ أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ إِلَّا خَمْسُ رَضَعَاتٍ وَأَنَّهَا نَسَخَتِ الْعَشْرَ الرَّضَعَاتِ كَمَا لَوْ سَأَلَ سَائِلٌ هَلْ يُقْطَعُ السَّارِقُ فِي دِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ كَانَ الْجَوَابُ لَا يُقْطَعُ فِي دِرْهَمٍ وَلَا دِرْهَمَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ إِلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَكَذَلِكَ بَيَانُهُ فِي الْخَمْسِ الرَّضَعَاتِ
فَإِنْ قِيلَ لَوْ كَانَتْ نَاسِخَةً لِلْعَشْرِ رَضَعَاتٍ عِنْدَ عَائِشَةَ كَمَا رَوَتْ عَنْهَا عَمْرَةُ ما