فَذَهَبَ اللَّيْثُ إِلَى أَنَّ رَضَاعَةَ الْكَبِيرِ تُحَرِّمُ كَمَا تُحَرِّمُ رَضَاعَةُ الصَّغِيرِ
وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَلَا يَصِحُّ عَنْهُ وَالصَّحِيحُ عَنْهُ أَنْ لَا رَضَاعَ بَعْدَ فِطَامٍ
وَكَانَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ يُفْتِي بِهِ ثُمَّ انْصَرَفَ عنه إلى قول بن مسعود
وذكر عبد الرزاق عن بن جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ عَطَاءً يُسْأَلُ قَالَ لَهُ رجل سقتني امرأة من لبنها بعد ما كُنْتُ رَجُلًا أَفَأَنْكِحُهَا قَالَ لَا قُلْتُ ذَلِكَ رَأْيُكَ قَالَ نَعَمْ
قَالَ عَطَاءٌ كَانَتْ عَائِشَةُ تَأْمُرُ بِهِ بَنَاتِ أَخِيهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا رَضَاعُ الْكَبِيرِ كَمَا ذَكَرَ عَطَاءٌ يُحْلَبُ لَهُ اللَّبَنُ وَيَسْقَاهُ
وَأَمَّا أَنْ تُلْقِمَهُ الْمَرْأَةُ ثَدْيَهَا كَمَا تَصْنَعُ بِالطِّفْلِ فَلَا لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْبَغِي عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ
وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى التَّحْرِيمِ بِمَا يَشْرَبُهُ الْغُلَامُ الرَّضِيعُ مِنْ لَبَنِ الْمَرْأَةِ وَإِنْ لَمْ يَمُصَّهُ مِنْ ثَدْيِهَا وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي السَّعُوطِ بِهِ وَفِي الْحُقْنَةِ وَالْوُجُورِ وَفِي حِينِ يُصْنَعُ لَهُ مِنْهُ
وروى بن وَهْبٍ عَنِ اللَّيْثِ أَنَّهُ قَالَ أَنَا أَكْرَهُ رَضَاعَ الْكَبِيرِ أَنْ أُحِلَّ مِنْهُ شَيْئًا
وَرَوَى عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْهُ فَقَالَتْ إِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ وَلَيْسَ لِي مَحْرَمٌ فَقَالَ اذْهَبِي إِلَى امْرَأَةِ رَجُلٍ تُرْضِعُكِ فَيَكُونُ زَوْجُهَا أَبًا لَكِ فَتَحُجِّينَ مَعَهُ
وَقَالَ بقول الليث قوم منهم بن عُلَيَّةَ
وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ سَالِمٍ - مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَعَمَلُهَا بِهِ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرزاق عن بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو جَاءَتْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ سَالِمًا مَعَنَا فِي الْبَيْتِ وَقَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ وَعَلِمَ مَا يَعْلَمُ الرجال فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((أَرْضِعِيهِ! تحرمي عليه))
قال بن أَبِي مُلَيْكَةَ فَمَكَثْتُ سَنَةً أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا لَا أُحَدِّثُ بِهِ رَهْبَةً لَهُ ثُمَّ لَقِيتُ الْقَاسِمَ فَقُلْتُ لَهُ لَقَدْ حَدَّثْتَنِي حَدِيثًا مَا حَدَّثْتُ بِهِ بَعْدُ فَقَالَ مَا هُوَ فَأَخْبَرْتُهُ حَدِّثْ بِهِ عَنِّي فَإِنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْنِيهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ تُرِكَ قَدِيمًا وَلَمْ يُعْمَلْ بِهِ وَلَا تَلَقَّاهُ الْجُمْهُورُ بِالْقَبُولِ عَلَى عُمُومِهِ بَلْ تَلَقَّوْهُ بِالْخُصُوصِ