وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا فِي كِتَابِ ((التَّمْهِيدِ))
وَأَمَّا الْغِيلَةُ فَكَمَا فَسَّرَهَا مَالِكٌ وَعَلَى تَفْسِيرِ ذَلِكَ أَكْثَرُ النَّاسِ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَالَ الْأَخْفَشُ الْغِيلَةُ وَالْغِيلُ سَوَاءٌ وَهِيَ أَنْ تَلِدَ الْمَرْأَةُ فَيَغْشَاهَا زَوْجُهَا وَهِيَ تُرْضِعُ فَتَحْمِلُ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ لِأَنَّهَا إِذَا حَمَلَتْ فَسَدَّ اللَّبَنُ عَلَى الطِّفْلِ الْمُرْضَعِ وَيَفْسُدُ بِهِ جِسْمُهُ وَتَضْعُفُ بِهِ قُوَّتُهُ حَتَّى رُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي عَقْلِهِ
قَالَ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّهُ لِيُدْرِكُ الْفَارِسَ فَيُدَعْثِرُهُ عَنْ فَرَسِهِ) أَوْ قَالَ عَنْ سَرْجِهِ أَيْ يَضْعُفُ فَيَسْقُطُ عَنِ السَّرْجِ
قَالَ الشَّاعِرُ
فَوَارِسُ لَمْ يغالوا في الرضاع فتنبوا فِي أَكُفِّهِمُ السُّيُوفُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى ذَكَرْتُ أَنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ شَيْئًا يَرُدُّ كُلَّ مَا قَالَهُ الْأَخْفَشُ وَحَكَاهُ عَنِ الْعَرَبِ
وَذَلِكَ مِنْ تَكَاذِيبِ الْعَرَبِ وَظُنُونِهِمْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ حَقًّا لَنَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جِهَةِ الْإِرْشَادِ وَالْأَدَبِ فَإِنَّهُ كَانَ - عَلَيْهِ السلام - حريصا على نفع المؤمنين رؤوفا بِهِمْ وَمَا تَرَكَ شَيْئًا يَنْفَعُهُمْ إِلَّا دَلَّهُمْ عليه وأمره بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ الْغِيلَةُ أَنْ تُرْضِعَ الْمَرْأَةُ وَلَدَهَا وَهِيَ حَامِلٌ
وَقَالَ غَيْرُهُ الْغِيلُ نَفْسُهُ الرَّضَاعُ
وَقَدْ زِدْنَا هَذَا الْمَعْنَى بَيَانًا بِشَوَاهِدِ الشعر في التمهيد
وقال بن الماجشون وذكره بن الْقَاسِمِ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ إِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَهِيَ تُرْضِعُ فَيُصِيبُهَا وَهِيَ تُرْضِعُ أَنَّ ذَلِكَ (اللَّبَنَ) لَهُ وَلِلزَّوْجِ قَبْلَهُ لِأَنَّ الْمَاءَ يُغَيِّرُ اللَّبَنَ وَيَكُونُ مِنْهُ الْغِذَاءُ
وَاحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ لَقَدْ هممت أن أنهى عن الغيله
قال بن الْقَاسِمِ وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ إِذَا وَلَدَتِ الْمَرْأَةُ فَاللَّبَنُ مِنْهُ بَعْدَ الْفِصَالِ وَقَبْلَهُ وَلَوْ طَلَّقَهَا فَتَزَوَّجَتْ وَحَمَلَتْ مِنَ الثَّانِي فَاللَّبَنُ بَيْنَهُمَا جَمِيعًا أَبَدًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ انْقِطَاعُهُ مِنَ الْأَوَّلِ