بَاعَهَا إِلَيْهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا الَّذِي بَاعَهَا بِهِ لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ أَحَدٌ أَنْ يُعْطِيَ عشرة دنانير نقدا أو إلى شهر أو شَهْرَيْنِ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ إِلَى سَنَةٍ
قَالَ وَقَالَ لِي مَالِكٌ لَا بَأْسَ أَنْ يَبْتَاعَهَا إِلَى أَبْعَدَ مِنْ أَجَلِهَا بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهَا لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ أَحَدٌ أَنْ يَأْخُذَ عِشْرِينَ دِينَارًا إِلَى أَجَلٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا
قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا يُتَّهَمُ إِذَا بَاعَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ إِلَى أَجَلٍ مَنِ اشْتَرَاهَا بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَالثَّمَنُ نَقْدًا مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ إِلَى أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ أَعْطَاهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ نَقْدًا بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا إِلَى أَجَلٍ وَأَعْطَاهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ إِلَى ثَلَاثِ لَيَالٍ أَوْ إِلَى شَهْرٍ بِعِشْرِينَ أَوْ نَحْوِهَا إِلَى سَنَةٍ
قال بن وَهْبٍ وَقَالَ لِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ مِثْلَ ذَلِكَ كُلِّهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يَذْهَبُونَ فِي ذَلِكَ نَحْوَ مَذْهَبِ مَالِكٍ
وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ قَالُوا فِيمَنِ اشْتَرَى جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَبَضَهَا ثُمَّ بَاعَهَا مِنَ الْبَائِعِ بِأَقَلَّ مِنَ الْأَلْفِ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَ الثَّمَنَ إِنَّ الْبَيْعَ الثَّانِيَ بَاطِلٌ
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ فِيمَنْ بَاعَ بَيْعًا بِنَسِيئَةٍ لَمْ يَجُزْ لِلْبَائِعِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِنَقْدٍ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَلَا يَعْرِضُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَرْضُ قِيمَةَ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَشْتَرِيهِ بِعَرْضٍ قِيمَتُهُ أَقَلُّ مِنَ الثَّمَنِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ كُلَّهُ
قَالَ وَإِنْ نَقَصَتِ السِّلْعَةُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا الْبَائِعُ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ سَوَاءٌ كَانَ نُقْصَانُ الْعَيْبِ لَهَا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي رَجُلٍ بَاعَ خَادِمًا إِلَى سَنَةٍ ثُمَّ جَاءَ الْأَجَلُ بِهِ يَأْخُذُهُ مِنْهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ وَلَا يَشْتَرِيهِ بِدُونِ الثَّمَنِ قَبْلَ مَحِلِّ الْأَجَلِ إِلَّا بِالثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ
وَقَالَ أَحْمَدُ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِنَسِيئَةٍ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَهَا بِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَذْهَبَ مَالِكٍ وَالْكُوفِيِّينَ حَدِيثُ أَبِي إِسْحَاقَ وَالشَّعْبِيِّ عَنِ امْرَأَتِهِ أُمِّ يُونُسَ وَاسْمُهَا الْعَالِيَةُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَمِعَتْهَا وَقَدْ قَالَتْ لَهَا أُمُّ مَحَبَّةَ أُمُّ وَلَدٍ كَانَتْ لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ! إِنِّي بِعْتُ مِنْ زَيْدٍ عَبْدًا إِلَى الْعَطَاءِ بِثَمَانِمِائَةٍ فَاحْتَاجَ إِلَى ثَمَنِهِ فَاشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ قَبْلَ مَحِلِّ الْأَجَلِ بِسِتِّمِائَةٍ فَقَالَتْ بِئْسَ مَا شَرَيْتِ وَبِئْسَمَا اشْتَرَيْتِ أَبْلِغِي زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ أَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ لَمْ يَتُبْ قَالَ فَقُلْتُ أَرَأَيْتِ إِنْ تَرَكْتُ مِائَتَيْنِ وَأَخَذْتُ السِّتَّمِائَةٍ قَالَ نَعَمْ مَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ