للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا مَا لَا يَسْتَقِيمُ إِلَّا عَلَى مَا قُلْنَا إِنَّ مَا بِيَدِهِ مِنَ الْمَالِ لِسَيِّدِهِ

وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ إِنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَأْذَنُ لِعَبِيدِهِ فِي التَّسَرِّي وَلَوْلَا أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ مَا حَلَّ لهم التَّسَرِّي لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُحِلَّ الْفَرْجَ إِلَّا بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكِ الْيَمِينِ

وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ وَلَا يَصِحُّ لَهُ مِلْكٌ مَا دَامَ مُمَلُوكًا بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ أَنَّ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَنْتَزِعَ مِنْهُ مَا بِيَدِهِ مِنَ الْمَالِ مِنْ كَسْبِهِ وَمِنْ غَيْرِ كَسْبِهِ

وقالوا إنما معنى إذن بن عُمَرَ لِعَبِيدِهِ فِي التَّسَرِّي لِأَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ بِغَيْرِ صَدَاقٍ فكان عنده إذنه من ذلك من هَذَا الْبَابِ

قَالُوا وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ يَمْلِكُ لَوَرِثَ قَرَابَتَهُ فَلَمَّا أَجْمَعُوا أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَرِثُ دَلَّ عَلَى أَنَّ مَا يَحْصُلُ بِيَدِهِ مِنَ الْمَالِ هُوَ لِسَيِّدِهِ وَأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَلَوْ مَلَكَهُ مَا انْتَزَعَهُ مِنْهُ سَيِّدُهُ كَمَا لَا يَنْتَزِعُ مَالَ مُكَاتِبِهِ قَبْلَ الْعَجْزِ

وَلِكِلَا الْفَرِيقَيْنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ضُرُوبٌ مِنَ الِاحْتِجَاجِ يَطُولُ ذِكْرُهَا لَيْسَ كِتَابُنَا هَذَا بِمَوْضِعٍ لَهَا

وَأَمَّا اسْتِدْلَالُ مَالِكٍ بِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ عَلَى سَيِّدِهِ فِي مَالِهِ زَكَاةٌ فَإِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَهُ لِأَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَوْنَ أَنَّ الزَّكَاةَ عَلَى سَيِّدِهِ فِيمَا بِيَدِهِ مِنَ الْمَالِ

وَطَائِفَةُ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ مِنْهُمْ دَاوُدُ يَقُولُونَ إِنَّ الْعَبْدَ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ فِيمَا بِيَدِهِ مِنَ الْمَالِ وَتَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَيَلْزَمُهُ الْحَجُّ إِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ

وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ شُذُوذٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَلَا خَيْرَ فِي الشُّذُوذِ

وَالِاخْتِلَافُ فِي ((تَسَرِّي الْعَبْدِ قَدِيمٌ وَحَدِيثٌ

وَكُلُّ مَنْ يَقُولُ لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ شَيْئًا لَا يُجَوِّزُ له التسري بحال من الأحوال وَلَا يُحِلُّ لَهُ وَطْءَ فَرْجٍ إِلَّا بِنِكَاحٍ يَأْذَنُ لَهُ فِيهِ سَيِّدُهُ

وَقَدْ ذَكَرْنَا الِاخْتِلَافَ في العبد المعتق هل يبيعه مَالُهُ إِذَا أُعْتِقَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِ الْعِتْقِ

وَأَمَّا شِرَاءُ الْعَبْدِ وَاشْتِرَاطُ مَالِهِ

فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ إِلَى مَا ذَكَرَهُ في ((الموطأ))

قال بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْعَبْدَ وَمَالَهُ بِدَرَاهِمَ إِلَى أَجَلٍ وَإِنْ كَانَ مَالُهُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ العروض

<<  <  ج: ص:  >  >>