للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَحْمَدُ مَنْ بَاعَ رَقِيقًا أَوْ حَيَوَانًا بِالْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ لَمْ يَبْرَأْ مِمَّا عَلِمَ إِنَّمَا يَبْرَأُ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْ

وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِي بَيْعِ الْمَوَارِيثِ إِنَّهُ بَيْعُ بَرَاءَةٍ وَإِنْ بَاعَ صَاحِبُ الْمِيرَاثِ فَقَدْ بريء مِنَ الْعُيُوبِ كُلِّهَا إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ عَلِمَ ذَلِكَ الْعَيْبَ فَكَتَمَهُ

وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى إِبِلًا فَقَالَ الْبَائِعُ إِنَّهُ بَرِيءٌ مِنَ الْجَرَبِ وَلَمْ يُعْلِمْهُ أَنَّ بِهَا جَرَبًا فَإِذَا هِيَ جَرْبَاءُ فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا وَإِذَا تَبَرَّأَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ لَمْ يَبْرَأْ بِذَلِكَ وَإِذَا أَرَاهُ الْعَيْبَ فَقَدْ بَرَّأَهُ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا بَاعَ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ بِالْبَرَاءَةِ فَالَّذِي أَذْهَبُ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ قَضَاءُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ لَمْ يَعْلَمْهُ وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْ عَيْبِ عَلِمَهُ وَلَا يُسَمِّهِ وَلَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ وَالْحَيَوَانُ يُفَارِقُ مَا سِوَاهُ لِأَنَّهُ يَعْتَدِي بِالصِّحَّةِ وَالسَّقَمِ وَتُحَوَّلُ طَبَائِعُهُ وَقَلَّ مَا يَبْرَأُ مِنْ عَيْبٍ يَخْفَى أَوْ يَظْهَرُ فَإِنْ صَحَّ مَا فِي الْقِيَاسِ - لَوْلَا مَا وَصَفْنَا مِنَ افْتِرَاقِ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ - إِلَّا أَنْ يَبْرَأَ مِنْ عُيُوبٍ لَمْ يَرَهَا وَإِنْ سَمَّاهَا لِاخْتِلَافِهَا أَوْ يَبْرَأَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ

وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي بَيْعِ الْبَرَاءَةِ بِقَوْلِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ كَانَ يَرَى الْبَرَاءَةَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ جَائِزَةً

وَهُوَ مَذْهَبُ بن عُمَرَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ

وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ الْقِيَاسُ وَالِاسْتِدْلَالُ بِأَنَّ مَنْ أَبْرَأَ رَجُلًا كَانَ يُعَامِلُهُ مِنْ كُلِّ حَقِّ لَهُ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْهُ فِي الْحُكْمِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلْمُشْتَرِي إِذَا جَازَ تَرْكُهُ تَرَكَهُ

وَأَصَحُّ مَا فِيهِ عِنْدِي - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - قَوْلُ مَنْ قَالَ لَا يَبْرَأُ مِنَ الْعُيُوبِ حَتَّى يُرِيَهُ إِيَّاهُ وَيَقِفَهُ عَلَيْهِ فَيَتَأَمَّلَهُ الْمُشْتَرِي وَيَنْظُرَ إِلَيْهِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ))

مَعْلُومٌ أَنَّ الْعُيُوبَ تَتَفَاوَتُ بَعْضُهَا أَكْثَرُ مِنْ بَعْضٍ فَكَيْفَ يَبْرَأُ بِمَا لَمْ يَعْلَمِ الْمُشْتَرِي قَدْرَهُ

قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ كُلَّ مَنِ ابْتَاعَ وَلِيدَةً فَحَمَلَتْ أَوْ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ وَكُلُّ أَمْرٍ دَخَلَهُ الْفَوْتُ حَتَّى لَا يُسْتَطَاعَ رَدُّهُ فَقَامَتِ الْبَيِّنَةُ إِنَّهُ قَدْ كَانَ بِهِ عَيْبٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>