قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عن بيع الْغَرَرِ فَلَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَيْعِ الثِّمَارِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا عَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ قَدْ خَرَجَ مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ فِي الْأَغْلَبِ بِقَوْلِهِ مَعَ نَهْيِهِ عَنْ بَيْعِهَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا أَرَأَيْتَ إِنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ مَعْنَاهُ إِذَا بِعْتُمُ الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَمَنَعَهَا اللَّهُ كُنْتُمْ قَدْ رَكِبْتُمُ الْغَرَرَ وَأَخَذْتُمْ مَالَ الْمُبْتَاعِ بِالْبَاطِلِ فَلَا تَبِيعُوهَا حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا فَإِنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ سَلِمْتُمْ مِنَ الْغَرَرِ لِأَنَّ الْأَغْلَبَ حِينَئِذٍ مِنْ أَمْرِهَا السَّلَامَةُ فَإِنْ لِحَقَتْهَا جَائِحَهٌ فَهِيَ نَادِرَةٌ لَا حُكْمَ لَهَا وَكَانَتْ كَالدَّارِ تُبَاعُ فَتُهْدَمُ قَبْلَ انْتِفَاعِ الْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ مِنْهَا وَكَذَلِكَ الْحَيَوَانُ يَمُوتُ بِإِثْرِ قَبْضِ الْمُبْتَاعِ لَهُ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْعُرُوضِ تَهْلِكُ قَبْلَ أَنْ يَنْتَفِعَ الْمُبْتَاعُ بِهَا
قَالُوا كُلُّ مَنِ ابْتَاعَ ثَمَرَةً مِنْ نَخْلٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ سَائِرِ الْفَوَاكِهِ فِي حَالٍ يَجُوزُ بَيْعُهَا فِيهِ فَقَبَضَ ذَلِكَ بِمَا يَقْبِضُ بِهِ مِثْلَهُ فَأَصَابَتْهَا جَائِحَةٌ فَأَهْلَكَتْهُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ ثَلَاثًا كَانَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَالْمُصِيبَةُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مِنَ الْمُبْتَاعِ
وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِالْعِرَاقِ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ ثُمَّ رَجَعَ بِمِصْرَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ وَهُوَ أَشْهَرُ قَوْلَيْهِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ
وَضَعَّفَ حَدِيثَ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ عَنْ جَابِرٍ ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ)) وأمر بوضع الجوائح وقال كان بن عُيَيْنَةَ يُحَدِّثُنَا بِهِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ وَلَا يُذْكَرُ فِيهِ ((وَضْعُ الجوائح)) ثم ذكرها فيه بَعْدُ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ هُوَ فِيهِ أَيْ هَذَا اللَّفْظُ فِيهِ يَعْنِي قَوْلَهُ وَأَمَرَ بوضع الجوائح واضطرب ولم يثبت فيه على شَيْءٌ فِي وَضْعِ الْجَوَائِحِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ ثَبَتَ حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ لَمْ أَعْدُهُ
قَالَ وَلَوْ كُنْتُ قَائِلًا بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ لَوَضَعْتُهَا فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ
وَمِمَّنْ لَمَّ يَقُلْ بِوَضْعِ الْجَائِحَةِ فِي قَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ مَعَ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ
وَيَأْتِي تَلْخِيصُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي جَوَائِحِ الثِّمَارِ فِي الْبَابِ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَقَالَ مَالِكٌ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي بَيْعِ الْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ والخربز
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute