فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ بَيْعِهَا مِمَّنْ كَانَ أعراها دون غيره لِأَنَّهُ لَا أَهْلَ لَهَا سِوَاهُمْ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ الْعَرَايَا هِيَ أَنَّ أَهْلَ الْبَيْتِ الْمَسَاكِينَ يُمْنَحُونَ النَّخَلَاتِ فَتُرْطِبُ فِي الْيَوْمِ الْقَفِيزُ وَالْقَفِيزَانِ فَلَا يكون فيها مَا يَسَعُهُمْ فَرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوا ثَمَرَ نَخْلِهِمْ بِأَوْسَاقٍ مِنْ تَمْرٍ فَلَمْ يُقْصِرْهُمُ الْأَوْزَاعِيُّ عَلَى بَيْعِهَا مِنَ الْمُعْرِي
قَالَ وَسَأَلْتُ الْأَوْزَاعِيَّ عَنِ الْعَرِيَّةِ وَالْوَطِيَّةِ وَالْأَكْلَةِ قَالَ الْعَرِيَّةُ النَّخْلَةُ يَمْنَحُهَا الرَّجُلُ أَخَاهُ وَالْوَطِيَّةُ مَا يَطَأُهُ النَّاسُ وَالْأَكْلَةُ مَا يُؤْكَلُ مِنْهُ
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الْبَلْخِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْعَرِيَّةَ النَّخْلَةُ وَالنَّخْلَتَانِ لِلرَّجُلِ فِي حَائِطٍ لِغَيْرِهِ
وَالْعَادَةُ فِي الْمَدِينَةِ أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ بِأَهْلِيهِمْ فِي وَقْتِ الثِّمَارِ إِلَى حَوَائِطِهِمْ فَيَكْرَهُ صَاحِبُ النَّخْلِ الْكَثِيرِ دُخُولَ الْآخَرِ عَلَيْهِ فَيَقُولُ أَنَا أُعْطِيكَ خَرْصَ نَخْلَتِكَ تَمْرًا فَأُرْخِصَ لَهُمَا ذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةُ مُخَالَفَةٌ لِأَصْلِ مَالِكٍ فِي الْعَرِيَّةِ لِأَنَّ أَصْلَهُ الَّذِي لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ عَنْهُ وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ إِلَّا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ هِيَ أَنْ يَهَبَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ نَخَلَاتٍ مِنْ حَائِطِهِ ثُمَّ يُرِيدُ شِرَاءَهَا مِنْهُ فَأُرْخِصَ لَهُ فِي ذَلِكَ دون غيره
ورواية بن نَافِعٍ هَذِهِ نَحْوُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِي الْعَرِيَّةِ
وقال بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي نَخْلَةٍ فِي حَائِطِ رَجُلٍ لِآخَرَ لَهُ أَصْلُهَا فَأَرَادَ صَاحِبُ الْحَائِطِ أن يشتريها منه بعد ما أَزْهَتْ بِخَرْصِهَا تَمْرًا يَدْفَعُهُ إِلَيْهِ عِنْدَ الْجِذَاذِ
فَقَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ إِنَّمَا يُرِيدُ بِذَلِكَ الْكِفَايَةَ لِصَاحِبِهِ وَالرِّفْقَ بِهِ فَلَا بَأْسَ وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا ذَلِكَ لِدُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ وَضَرَرِ ذَلِكَ عليه فلا خير فيه
قال بن الْقَاسِمِ وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ الْعَرِيَّةِ
قَالَ أَبُو عمر رواية بن القاسم هذه تضارع رواية بن نافع ولكن بن الْقَاسِمِ قَدْ بَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِالْعَرِيَّةِ يُرِيدُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَإِنَّهُمْ قَالُوا فِي الْعَرِيَّةِ بِمَا يَرُدُّ سُنَّتَهَا وَيُبْطِلُ حُكْمَهَا وَأَخْرَجُوهَا مِنْ بَابِ الْبَيْعِ ولم يجعلوها مستثناه من المزابنة
وروى بن سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ الْعَرِيَّةُ هِيَ النَّخْلَةُ يَهَبُ صَاحِبُهَا ثَمَرَهَا لِرَجُلٍ وَيَأْذَنُ لَهُ فِي أَخْذِهَا فَلَا يَفْعَلُ حَتَّى يَبْدُوَ لِصَاحِبِ النَّخْلَةِ