الْبُيُوعِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُبْتَاعُ يَنْظُرُ الشَّيْءِ الْمَبِيعِ وَيَتَأَمَّلُهُ وَيُحِيطُ بِهِ نَظَرُهُ وَيَعْلَمُ مَا تَقَعُ عَلَيْهِ صِفَتُهُ بِعَيْنِهِ
وَالْبَيْعُ عِنْدَهُ عَلَى نَوْعَيْنِ
أَحَدُهُمَا عَيْنٌ مَرْئِيَّةٌ يُحِيطُ بِالنَّظَرِ إِلَيْهَا الْمُتَبَايِعَانِ
وَالْآخَرُ السَّلَمُ الْمَوْصُوفُ الْمَضْمُونُ فِي الذِّمَّةِ فَأَقَرَّ بِهِ الْبَائِعُ لَهُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي لَزِمَتْهُ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَجَازَ بَيْعَ الصِّفَةِ عَلَى خِيَارِ الرُّؤْيَةِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْكُوفِيُّونَ فِي ذَلِكَ
وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي بَيْعِ الصِّفَةِ فِي مَوْضِعِهِ بِمَا لِلْفُقَهَاءِ فِيهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
وَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ مَنِ ابْتَاعَ تَمْرًا أَوْ لَبَنًا لَمْ يَرَهُ عَلَى صِفَةٍ ذُكِرَتْ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ مِنْهُ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَيْهِ فَيَخْتَارَهُ أَوْ يَرُدَّهُ
وَهَذَا عِنْدَهُمْ مِنْ بَابِ بَيْعِ الْمَوْصُوفِ عَلَى خِيَارِ الرُّؤْيَةِ
قَالَ مَالِكٌ وَأَمَّا كُلُّ شَيْءٍ كَانَ حَاضِرًا يُشْتَرَى عَلَى وَجْهِهِ مِثْلُ اللَّبَنِ إِذَا حلب والرطب يستجنى فيأخذ المتباع يَوْمًا بِيَوْمٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ إِذَا اشْتَرَى عَلَى وَجْهِهِ بَعْدَ النَّظَرِ إِلَيْهِ وَقَدْ حُلِبَ اللَّبَنُ وَجُنِيَ التَّمْرُ
قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ فَنِيَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَى رَدَّ عَلَيْهِ الْبَائِعُ مِنْ ذَهَبِهِ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ له أو يأخذ منه المشتري سلعة بما بَقِيَ لَهُ يَتَرَاضَيَانِ عَلَيْهَا وَلَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَأْخُذَهَا فَإِنْ فَارَقَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ يدخله الدين بالدين وقد نهي عن الكالىء بالكالىء فَإِنْ وَقَعَ فِي بَيْعِهِمَا أَجَلٌ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَلَا يَحِلُّ فِيهِ تَأْخِيرٌ وَلَا نَظِرَةٌ وَلَا يَصْلُحُ إِلَّا بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَيَضْمَنُ ذَلِكَ الْبَائِعُ لِلْمُبْتَاعِ وَلَا يُسَمَّى ذَلِكَ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ وَلَا فِي غَنَمٍ بِأَعْيَانِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ إِنْ فَنِي اللَّبَنُ أَوِ الْفَاكِهَةُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَى مِنْ ذَلِكَ رَدَّ عَلَيْهِ الْبَائِعُ مِنْ ذَهَبِهِ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ لَهُ فَلِأَنَّهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّاوِيَةِ مِنَ الزَّيْتِ تَنْشَقُّ وَيَذْهَبُ زَيْتُهَا وَقَدْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ صَفْقَتَهُ مِنْ تِلْكَ الرَّاوِيَةِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِيمَا لَمْ يَقْبِضْ وَلَا يَلْزَمُ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْتِيَكَ بِمِثْلِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَلَمٍ