للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاخْتَلَفُوا فِي اسْتِثْنَاءِ الْبَائِعِ لَهَا مِنْ تَمْرِ الْحَائِطِ فَلَمْ يَجْعَلْهُ مَالِكٌ كَالْمُشْتَرِي لَهَا وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي الثِّيَابِ وَالْغَنَمِ أَنَّهُ جَائِزٌ لِلْبَائِعِ لَهَا مِنْ حَائِطِهِ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْهَا عَدَدًا

وَأَمَّا الْفُقَهَاءُ - أَئِمَّةُ الْفَتْوَى بِالْعِرَاقِ وَالْحِجَازِ وَالشَّامِ فَلَا يُجِيزُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ لِأَنَّ مَا عَدَا الْمُسْتَثْنَى مَجْهُولٌ وَبَيْعُ الْمَجْهُولِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ

وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الرُّطَبَ مِنْ صَاحِبِ الْحَائِطِ فَيُسْلِفُهُ الدِّينَارَ مَاذَا لَهُ إِذَا ذَهَبَ رُطَبُ ذَلِكَ الْحَائِطِ قَالَ مَالِكٌ يُحَاسِبُ صَاحِبَ الْحَائِطِ ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ دِينَارِهِ إِنْ كَانَ أَخَذَ بِثُلْثَيْ دِينَارٍ رُطَبًا أَخَذَ ثُلُثَ الدِّينَارِ الَّذِي بَقِيَ لَهُ وَإِنْ كَانَ أَخَذَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ دِينَارِهِ رُطَبًا أَخَذَ الرُّبُعَ الَّذِي بَقِيَ لَهُ أَوْ يَتَرَاضَيَانِ بَيْنَهُمَا فَيَأْخُذُ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ دِينَارِهِ عِنْدَ صَاحِبِ الْحَائِطِ مَا بَدَا لَهُ إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ تَمْرًا أَوْ سِلْعَةً سِوَى التَّمْرِ أَخَذَهَا بِمَا فَضَلَ له فإن أخذ تمرا أو سلعة أخرى فَلَا يُفَارِقْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ ذَلِكَ مِنْهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ لِأَنَّهُ إِنْ فَارَقَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ ذَلِكَ مِنْهُ عِنْدَ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ

قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا هَذَا بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُكْرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ رَاحِلَتَهُ بِعَيْنِهَا أَوْ يُؤَاجِرَ غُلَامَهُ الْخَيَّاطَ أَوِ النَّجَّارَ أَوِ الْعَمَّالَ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْمَالِ أَوْ يُكْرِيَ مَسْكَنَهُ وَيَسْتَلِفَ إِجَارَةَ ذَلِكَ الْغُلَامِ أَوْ كِرَاءَ ذَلِكَ الْمَسْكَنِ أَوْ تِلْكَ الرَّاحِلَةِ ثُمَّ يَحْدُثُ فِي ذَلِكَ حَدَثٌ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَيَرُدُّ رَبُّ الرَّاحِلَةِ أَوِ الْعَبْدِ أَوِ الْمَسْكَنِ إِلَى الَّذِي سَلَّفَهُ مَا بَقِيَ مِنْ كِرَاءِ الرَّاحِلَةِ أَوْ إِجَارَةِ الْعَبْدِ أَوْ كِرَاءِ الْمَسْكَنِ يُحَاسِبُ صَاحِبَهُ بِمَا اسْتَوْفَى مِنْ ذَلِكَ إِنْ كَانَ اسْتَوْفَى نِصْفَ حَقِّهِ رَدَّ عَلَيْهِ النِّصْفَ الْبَاقِي الَّذِي لَهُ عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ يَرُدُّ إِلَيْهِ مَا بَقِيَ لَهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ فَيَسْقُطُ عَنْهُ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِيمَنْ سَلَّمَ فِي فَاكِهَةٍ فَانْقَضَى أَيَّامُهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مَا أَسْلَمُ فيه منها

فذكر سحنون عن بن الْقَاسِمِ أَنَّ مَالِكًا اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ فَمَرَّةً قَالَ يَصْبِرُ فِيمَا بَقِيَ لَهُ مِنَ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ الْقَابِلَةِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ بَقِيَّةَ رَأْسِ مَالِهِ

قال بن الْقَاسِمِ وَأَنَا أَرَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْفَاكِهَةِ إِلَى قَابِلٍ أَخَّرَهُ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ بَقِيَّةَ رَأْسِ مَالِهِ

وَقَالَ سُحْنُونٌ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا خِيَارٌ وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ مِنَ الْفَاكِهَةِ مُتَأَخِّرَةً إِلَى قَابِلٍ وَلَوْ كَانَ لَهُ خِيَارٌ لَكَانَ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>