للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ ذَلِكَ كَالنَّادِرِ وَخَافَهُ فَيَمَنْ شَرَطَ النَّقْدَ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ فَلَمْ يُجِزْهُ

وَكَذَلِكَ فِي الْمُوَاضَعَةِ

١٢٧٨ - قَالَ مَالِكٌ وَمَنِ اسْتَأْجَرَ عَبَدًا بِعَيْنِهِ أَوْ تَكَارَى رَاحِلَةً بِعَيْنِهَا إِلَى أَجَلٍ يَقْبِضُ الْعَبْدَ أَوِ الرَّاحِلَةَ إِلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فَقَدْ عَمِلَ بِمَا لَا يَصْلُحُ لَا هُوَ قَبَضَ مَا اسْتَكْرَى أَوِ اسْتَأْجَرَ وَلَا هُوَ سَلَّفَ فِي دَيْنٍ يَكُونُ ضَامِنًا عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ لَا يَصْلُحُ التَّسْلِيفُ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَإِنَّ الْأُمَّةَ مُجْتَمِعَةٌ عَلَى أَنَّ السَّلَفَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا التَّسْلِيفُ فِي صِفَةٍ مَعْلُومَةٍ لَا يَسْتَكِيلُ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا أَوْ شَيْئًا مَوْصُوفًا مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ فِي بَابِ السَّلَمِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ

وَأَمَّا قَوْلُهُ إِلَّا أَنْ يَقْبِضَ الْمُسَلِّفُ مَا سَلَّفَ فِيهِ عِنْدَ دَفْعِهِ الذَّهَبَ إِلَى صَاحِبِهِ

وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ مَنِ اشْتَرَى شَيْئًا بِعَيْنِهِ لَا يُمْكِنُ قَبْضُهُ رَجْعَةً وَاحِدَةً وَإِنَّمَا يَقْبِضُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ في الرطب وما كان مثله أو كإجازة الْعَبْدِ أَوِ الدَّابَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِدَينٍ إِلَى أَجَلٍ أَنَّهُ كَالدَّينِ بِالدَّينِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِنَقْدٍ وَلَا يَشْرَعَ فِي قَبْضِ مَا يُمْكِنُ قَبْضُهُ أَوْ قَبْضُ أَصْلِهِ الَّذِي إِلَيْهِ ذَهَبَ وَإِلَيْهِ يَقْصِدُ إِلَى شِرَاءِ مَنْفَعَتِهِ كَالْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَكُونُ الْبَائِعُ قَدِ انْتَفَعَ بِالثَّمَنِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ وَأَنَّهُ أَيْضًا يُشْبِهُ الْبَيْعَ وَالسَّلَفَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ

وَلَا أَعْلَمَ خِلَافًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ عَيْنٍ مَرْئِيَّةٍ غَيْرِ مَأْمُونٍ هَلَاكُهَا بِشَرْطِ تَأْخِيرِ قَبْضِهَا إِلَى أَجَلٍ لَا يُؤْمَنُ قَبْلَهُ ذَهَابُهَا لِأَنَّهُ مِنْ بُيُوعِ الْغَرَرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا

وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ مِنْ شَرْطِ بَيْعِ الْأَعْيَانِ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ إِلَى الْمُبْتَاعِ بِأَثَرِ عَقْدِ الصَّفْقَةِ فِيهِ نَقْدًا كَانَ الثَّمَنُ أَوْ دَيْنًا

إِلَّا أَنَّ مَالِكًا وَرَبِيعَةَ وَطَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَجَازُوا بَيْعَ الْجَارِيَةِ الْمُرْتَفِعَةِ عَلَى شَرْطِ الْمُوَاضَعَةِ وَلَمْ يجيزوا فيها النَّقْدَ

وَأَبَى ذَلِكَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ عَدَمِ التَّسْلِيمِ إِلَى مَا يَدْخُلُهُ مِنَ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ

وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

وَمِنْ مَعْنَى هَذَا الْبَابِ - أَيْضًا مَا نذكره فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>