للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَخْرَجِهِ كَالْمَصُوغِ بِالدَّنَانِيرِ وَأَرْسَلَهُ حُجَّةً عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ إِنَّهُ عَهْدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَّا حَدِيثُ نَافِعٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ كَانَ حُجَّةً بَالِغَةً لِثُبُوتِهِ وَبَيَانِهِ

وَقَدْ رَوَاهُ بن عمر عن أبي سعيد الخدري ومع بن عُمَرَ كَانَ نَافِعٌ إِذْ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَيُّوبُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَغَيْرُهُمْ عَنْ نَافِعٍ قَالَ دخلت مع بن عُمَرَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَدْ ذَكَرْتُهُ بِطُرُقِهِ فِي ((التَّمْهِيدِ))

وَفِيهِ تَحْرِيمُ الشُّفُوفِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ بِالْوَرِقِ وَكَذَلِكَ يَقْتَضِي قَلِيلُ الزِّيَادَةِ وَكَثِيرُهَا

وَأَمَّا قوله فيه ولا يباع منها غَائِبٌ بِنَاجِزٍ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مِنْ مَعْنَاهُ فِي تَعَاطِي الدَّنَانِيرِ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّرَاهِمِ مِنَ الدَّنَانِيرِ وَسَنُذْكُرُهُ فِي بَابِ بَيْعِ الطَّعَامِ إِلَى أَجَلٍ بِطَعَامٍ لِأَنَّ فِيهِ الْقَوْلَ فِي تَقَاضِي الطَّعَامِ

وَاخْتَلَفُوا مِنْ ذَلِكَ فِي الدَّيْنَيْنِ يُصَارِفُ عَلَيْهِمَا

فَقَالَ مَالِكٌ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ دَرَاهِمُ وَعَلَى الْآخَرِ دَنَانِيرُ جَازَ أَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدُهُمَا مَا عَلَيْهِ بِمَا عَلَى الْآخَرِ من الافتراق وإن كانا لم يفترقا

وهو قول بن الْقَاسِمِ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجُوزُ فِي الْحَالِ وَفِي غَيْرِ الْحَالِ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ لَا يَجُوزُ فِي الْحَالِ وَلَا فِي غَيْرِ الْحَالِ لِأَنَّهُ غَائِبٌ بِغَائِبٍ وَإِذَا لَمْ يَجُزْ غَائِبٌ بِنَاجِزٍ أَحْرَى أَنْ لَا يَكُونَ غَائِبًا بِغَائِبٍ

وهو قول بن وهب وبن كِنَانَةَ

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ مثل قول مالك وبن الْقَاسِمِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ إِذَا اجْتَمَعَ الْمُتَصَارِفَانِ فَالذِّمَمُ كَالْعَيْنِ إِذَا لَمْ يَفْتَرِقَا إِلَّا وَقَدْ تَفَاضَلَا فِي صَرْفِهَا ذَلِكَ

يَشْهَدُ لَهُ حَدِيثُ بن عُمَرَ كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ فَآخُذُ مِنَ الدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ الْحَدِيثُ نَذْكُرُهُ عِنْدَ ذِكْرِنَا تَقَاضِي الطَّعَامِ مِنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عز وجل

ومن معنى حديث بن عُمَرَ عَنِ الصَّائِغِ مَسْأَلَةٌ رَوَاهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ سَوَاءٌ مُنْكَرَةٌ لَا يَقُولُ بِهَا أَحَدٌ مِنْ فُقَهَاءَ الْمُسْلِمِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>