وَالْآخَرُ يُسْتَبْدَلُ٠
وَذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنِ الحسن وبن سِيرِينَ وَقَتَادَةَ أَنَّهُمْ قَالُوا يُبَدِّلُ لَهُمْ مَا رَدَّ عَلَيْهِ مِنَ الرَّدِيءِ وَلَا يَنْتَقِضُ شَيْءٌ مِنَ الصَّرْفِ
قَالَ أَحْمَدُ وَهُوَ أَحَبُّ الْأَقَاوِيلِ إِلَيَّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ قَالَ يَسْتَبْدِلُ احْتَجَّ بِأَنَّ الصَّرْفَ لَمْ يَفْتَرِقَا أَوَّلًا فِيهِ إِلَّا عَنْ قَبْضٍ صَحِيحٍ عِنْدَهُمَا وَكَذَلِكَ الِاسْتِبْدَالُ لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَقْبِضَ مِنْهُ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي شَيْءٍ مِنْ فِعْلِهِمَا النَّسَاءُ
وَفِي هَذَا الْمَعْنَى جَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا الرِّبَا عَلَى مَنْ أَرَادَ أَنْ يربي
رواه معمر عن أيوب عن بن سِيرِينَ عَنْ عُمَرَ
وَمَنْ قَالَ انْتَقَضَ الصَّرْفُ زَعَمَ أَنَّ الزَّائِفَ لَمْ يَقْبِضْ بِذَلِكَ فَصَارَ كَأَنَّهُ أَخَّرَهُ
وَمَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ يُنْتَقَضُ الصَّرْفُ فِي الدِّينَارِ أَنَّهُ لَمَّا سَمَّى لِكُلِّ دِينَارٍ مِنَ الدَّرَاهِمِ شَيْئًا مَعْلُومًا مَا لَمْ يَنْتَقِضْ إِلَّا صَرْفُ الدِّينَارِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الزَّائِفُ أَكْثَرَ مِنْهُ فَيُنْتَقَضُ عَلَى حَسَبِ مَا وَصَفْتُ
وَالْأَصْلُ فِي هَذَا كُلِّهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ))
وَنَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْفِضَّةِ بِالذَّهَبِ نَسْئًا
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ أَيْضًا اخْتِلَافُهُمْ فِي قَبْضِ الصَّرْفِ
فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إِذَا لَمْ يَقْبِضِ الْبَعْضَ حَتَّى يَفْتَرِقَا بَطَلَ الْبَيْعُ كُلُّهُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَصِحُّ فِي الْمَقْبُوضِ وَيَبْطُلُ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ
وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّرْفِ عَلَى مَا لَيْسَ عِنْدَ أَحَدِهِمْ فِي حِينِ الْعَقْدِ
فَقَالَ أبو حنيفة والشافعي يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ لَيْسَتْ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُمَّ يَسْتَقْرِضُ فَيَدْفَعُهُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ
وَقَالَ زُفَرُ لَا يَجُوزُ إِلَّا أَنْ يُعَيَّنَ أَحَدُهُمَا مِثْلَ أَنْ يَقُولَ أَشْتَرِي مِنْكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِهَذِهِ الْمِائَةِ الدِّينَارِ
وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِثْلُ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ يَحْتَاجُ أَنْ يَكُونَ قَبْضُهُ لِمَا لَمْ يُعِيِّنُهُ قَرِيبًا مُتَّصِلًا بِمَنْزِلَةِ النَّفَقَةِ كُلِّهَا مِنْهُ