قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَ رَجُلٌ طَعَامًا بِرُبُعٍ أَوْ ثُلُثٍ أَوْ كَسْرٍ مِنْ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُعْطَى بِذَلِكَ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ يُعْطَى بِذَلِكَ طَعَامًا يُرِيدُ الْكَسْرَ
كَذَلِكَ رَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ
وَهَذَا بَيِّنٌ فِي مَذْهَبِهِ وَاضِحٌ لِأَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ بِبَعْضِ دِرْهَمٍ طَعَامًا قَبَضَهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ عِنْدَ الْأَجَلِ بِالْكَسْرِ مِنَ الدَّرَاهِمِ طَعَامًا وَالدِّرْهَمُ لَمْ يَكُنْ يَتَبَعَّضُ عِنْدَهُمْ وَلَا يَجُوزُ كَسْرُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا عَنْهُمْ فِيمَا مَضَى مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فِي مَوْضِعِهِ فَلَمْ يَدْفَعْهُ وَشَرَطَ أَنْ يُعْطِيَهُ فِي ذَلِكَ الْكَسْرِ طَعَامًا عِنْدَ الْأَجَلِ بِهَذَا لَا يُجِيزُكَ أَحَدٌ لِأَنَّهُ طَعَامٌ بِطَعَامٍ إِلَى أَجَلٍ وَذِكْرُ الْكَسْرِ مِنَ الدِّرْهَمِ لَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّهُ قد شرط أن يعطيه فيه طعاما عِنْدَ الْأَجَلِ فَكَانَ ذِكْرُهُ لَغْوًا وَكَانَ فِي مَعْنَى الْحِيلَةِ أَوِ الذَّرِيعَةِ إِلَى بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ نَسِيئَةً
هَذَا كُلُّهُ أَصْلُ مَالِكٍ وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُ فِي الَّذِي يَبِيعُ سِلْعَتَهُ بِدَنَانِيرَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ بِالدَّنَانِيرِ كَذَا وكذا درهما أن بيعه لِسِلْعَتِهِ إِنَّمَا هُوَ بِالدَّرَاهِمِ
وَذِكْرُ الدِّينَارِ لَغْوٌ فَكَذَلِكَ ذِكْرُ الْكَسْرِ مِنَ الدِّرْهَمِ هُنَا لَغْوٌ وَهُوَ طَعَامٌ بِطَعَامٍ إِلَى أَجَلٍ
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وأبو حنيفة فهو عندهما مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَيَدْخُلُهُ أَيْضًا عِنْدَهُمَا بَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ نَسِيئَةً
قَالَ مَالِكٌ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَبْتَاعَ الرَّجُلُ طَعَامًا بِكَسْرٍ مِنْ دِرْهَمٍ إِلَى أَجَلٍ ثُمَّ يُعْطَى دِرْهَمًا وَيَأْخُذَ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ دِرْهَمِهِ سِلْعَةً مِنَ السِّلَعِ لِأَنَّهُ أَعْطَى الْكَسْرَ الَّذِي عَلَيْهِ فِضَّةً وَأَخَذَ بِبَقِيَّةِ دِرْهَمِهِ سِلْعَةً فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لِأَنَّهُمَا صَفْقَتَانِ لَا يَدْخُلُهُمَا شَيْءٌ مِنَ الْمَكْرُوهِ
قَالَ مَالِكٌ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ عِنْدَ الرَّجُلِ دِرْهَمًا ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْهُ بِرُبْعٍ أَوْ بِثُلْثٍ أَوْ بِكَسْرٍ مَعْلُومٍ سِلْعَةً مَعْلُومَةً فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ سِعْرٌ مَعْلُومٌ وَقَالَ الرَّجُلُ آخُذُ مِنْكَ بِسِعْرِ كُلِّ يَوْمٍ فَهَذَا لَا يَحِلُّ لِأَنَّهُ غَرَرٌ يَقِلُّ مَرَّةً وَيَكْثُرُ مَرَّةً وَلَمْ يَفْتَرِقَا عَلَى بَيْعٍ مَعْلُومٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute