للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا رِبَا عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِيمَا عَدَا الْمَطْعُومَ وَالْمَشْرُوبَ إِذَا مَا كَانَ أَوْ قُوتًا وَالذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ إِلَّا فِيمَا دَخَلَ مَعْنَاهُ الزِّيَادَةُ وَالسَّلَفُ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ فِي السَّلَفِ رِبًا عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مَسْلُوفًا مَعْلُومًا مَقْصُودًا إِلَيْهِ مُشْتَرَطًا

وَعِنْدَ مَالِكٍ مَا كَانَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ فَلَهُ حُكْمُهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ وَلَا ذَكَرَ إذا آل إليه بِالْجَمَلِ بِالْجَمَلِ مِثْلِهِ وَزِيَادَةِ دَرَاهِمَ يَدًا بِيَدٍ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ مَعْنَى السَّلَفِ وَالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ السَّلَفَ بِنَسِيئَةٍ أَبَدًا كَانَ حَالًّا أَوْ إِلَى أَجَلٍ يَدًا بِيَدٍ فَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ مَعْنَى الزِّيَادَةِ فِي السَّلَفِ

وَكَذَلِكَ الجمل بالجمل يدا بيد والدراهم إلى أجل لِأَنَّ الْجَمَلَ بِالْجَمَلِ قَدْ حَصَلَ يَدًا بِيَدٍ فَيَبْطُلُ أَنْ يُتَوَهَّمَ فِيهِ السَّلَفُ وَعُلِمَ أَنَّهُ بَيْعٌ

وَلَا رِبَا فِي الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ مِنْ جِهَةِ الْبَيْعِ إِلَّا مَا ظَنَّ بِهِ أَنَّ فَاعِلَهُ قَصَدَ بِهِ اسْتِسْلَافَهُ وَالزِّيَادَةَ عَلَى الْمِثْلِ فِيهِ لِمَوْضِعِ الْأَجَلِ كَمَا وَصَفْنَا

وَأَمَّا الْجَمَلُ بالجمل مثله وزيادة دراهم الدراهم نقدا والجمل إِلَى أَجَلٍ فَهَذَا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ جَمَلٌ بِجَمَلٍ مِثْلِهِ فِي صِفَتِهِ يَأْخُذُهُ إِلَى أَجَلٍ وَزِيَادَةَ دَرَاهِمَ فَصَارَ كَأَنَّهُ أَسْلَفَهُ إِيَّاهُ قَرْضًا إِلَى أَجَلٍ عَلَى أَنْ زَادَهُ دَرَاهِمَ مُعَجَّلَةً

وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْجَمَلُ وَالدَّرَاهِمُ جَمِيعًا إِلَى أَجَلٍ لِأَنَّهُ كَانَ اسْتَسْلَفَ الْجَمَلَ عَلَى أَنْ يَرُدَّهُ إِلَيْهِ بِصِفَتِهِ وَيَرُدَّ مَعَهُ إِلَيْهِ دَرَاهِمَ لِمَوْضِعِ السَّلَفِ فَهَذَا سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً وَهِيَ الزِّيَادَةُ عَلَى مِثْلِ مَا أَخَذَ الْمُسْتَسْلِفُ هَذَا كُلُّهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ

وَمَعْنَى قَوْلِهِ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ بِالْحَيَوَانِ عِنْدَهُ لَا يَجُوزُ فِيهِ النَّسِيئَةُ إِلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْأَغْرَاضُ فِيهِ وَالْمَنَافِعُ بِالنَّجَابَةِ وَالْفَرَاهَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْمُرَاعَاةُ فِي هَذَا الْبَابِ تَأْخِيرُ أَحَدِ الْجَمَلَيْنِ وَسَوَاءٌ كَانَتِ الدَّرَاهِمُ نَقْدًا أَوْ نَسِيئَةً لِأَنَّهُ إِذَا تَأَخَّرَ أَحَدُ الْجَمَلَيْنِ صَارَ جَمَلًا بِجَمَلٍ نَسِيئَةً وَزِيَادَةَ دَرَاهِمَ فَلَا يَجُوزُ

وَقَدْ قَالَ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْجَمَلِ بِالْجَمَلِ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَقَتَادَةُ

ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ بن سِيرِينَ وَمَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَا لَا بَأْسَ بِبَعِيرٍ بِبَعِيرَيْنِ وَدِرْهَمٍ الدِّرْهَمُ نَسِيئَةٌ قَالَا فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْبَعِيرَيْنِ نَسِيئَةً فَهُوَ مَكْرُوهٌ

قَالَ مَالِكٌ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَبْتَاعَ الْبَعِيرَ النَّجِيبَ بِالْبَعِيرَيْنِ أَوْ بِالْأَبْعِرَةِ مِنَ الْحَمُولَةِ مِنْ مَاشِيَةِ الْإِبِلِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ نَعَمٍ وَاحِدَةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُشْتَرَى مِنْهَا اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>