وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ أَنَّهُمَا إِذَا شَرَعَا جَمِيعًا فِي التَّطَهُّرِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِذَا خَلَتِ الْمَرْأَةُ بِالطَّهُورِ فَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يَتَوَضَّأَ بِفَضْلِ طَهُورِهَا
رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جُوَيْرِيَّةَ زَوْجِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ
وَرَوَاهُ الشَّيْبَانِيُّ عَنْ عِكْرِمَةَ
وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَطَاءٍ
وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ
قَالَ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ - فَضْلُ وُضُوءِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ إِذَا خَلَتْ بِهِ تَتَوَضَّأُ مِنْهُ إِنَّمَا الَّذِي رُخِّصَ فِيهِ أَنْ يَتَوَضَّآ مَعًا جَمِيعًا
وَذَكَرَ حَدِيثَ الْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ فَقَالَ هُوَ يَرْجِعُ إِلَى أَنَّ الْكَرَاهَةَ إِذَا خَلَتْ بِهِ الْمَرْأَةُ قِيلَ لَهُ فَالْمَرْأَةُ تَتَوَضَّأُ بِفَضْلِ الرَّجُلِ قَالَ أَمَّا الرَّجُلُ فَلَا بَأْسَ بِهِ إِنَّمَا كُرِهَتِ الْمَرْأَةُ
وَجَاءَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يَصْلُحُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَغْتَسِلَ بِمَاءٍ اغْتَسَلَتْ بِهِ الْمَرْأَةُ إِلَّا أَنْ يَشْرَعَا فِيهِ جَمِيعًا
ذَكَرَهُ دُحَيْمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ سَلَّامٍ عَنْ عَطَاءٍ
وَذَكَرَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ زَكَرِيَّا عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ لَا يَغْتَسِلُ الرَّجُلَانِ جَمِيعًا إِذَا أَجْنَبَا وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ يَغْتَسِلَانِ جَمِيعًا
وَهَذَا غَرِيبٌ عَجِيبٌ
وَالْقَوْلُ الْخَامِسُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَهَّرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِفَضْلِ طَهُورِ صَاحِبِهِ شَرَعَا جَمِيعًا أَوْ خَلَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِهِ
وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَالْآثَارُ فِي مَعْنَاهُ مُتَوَاتِرَةٌ
فَمِنْهَا حديث بن عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - اغْتَسَلَتْ مِنَ الْجَنَابَةِ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يَغْتَسِلَ مِنْ فَضْلِهَا فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا اغْتَسَلَتْ مِنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ))
وَرَوَى عِكْرِمَةُ عن بن عَبَّاسٍ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ عن بن عباس