وَكَذَلِكَ لَوْ سَلَّفَ فِي شَعِيرٍ فَتَفَضَّلَ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ بِأَنْ يُعْطِيَهُ فِيهِ قَمْحًا عِنْدَ مَحِلِّ الْأَجَلِ جَازَ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ أَحْسَنَ إِلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ كُلُّهُ عِنْدَهُ بَيْعًا لِأَنَّ الشَّعِيرَ وَالْقَمْحَ عِنْدَهُ صِنْفٌ وَاحِدٌ فَكَذَلِكَ الثِّيَابُ الثَّمَانِيَةُ الدُّونُ إِذَا كَانَتْ مِنْ صِنْفِ الثِّيَابِ الْأَرْبَعَةِ وَجِنْسِهَا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ مَحِلِّ الْأَجَلِ أَوْ دَخَلَهُ الْأَجَلُ كَانَ كَذَلِكَ بَيْعًا لِلْقَمْحِ بِالشَّعِيرِ مِنْ أَكْلِ الْبَغْلِ لِأَنَّهُ إِذَا أَعْطَاهُ قَبْلَ مَحِلِّ الْأَجَلِ شَعِيرًا فِي الْقَمْحِ فَقَدْ بَاعَ مِنْهُ الْأَجَلَ يَفْصِلُ مَا بَيْنَ الشَّعِيرِ وَالْقَمْحِ وَأَخَذُ شَيْءٍ مِنَ الزِّيَادَةِ أَوِ النُّقْصَانِ مِنْ أَجْلِ الْأَجَلِ رِبًا فَأَمَّا الزِّيَادَةُ فَهُوَ الرِّبَا بِعَيْنِهِ وَأَمَّا النُّقْصَانُ فَذَلِكَ عِنْدَهُمْ لِطَرْحِ الضمان في بقية الأجل وهو عِنْدَهُمْ مِنْ بَابِ ضَعْ وَتَعَجَّلْ
فَهَذَا أَصْلُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ فِي هَذَا الْبَابِ
وَأَصْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْكُوفِيِّ مَا قَدَّمْنَا عَنْهُمَا
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَنْ سَلَّمَ فِي ثَوْبٍ وَسَطَةٍ فَجَاءَهُ بِأَجْوَدَ مِنْهَا وَزَادَهُ دِرْهَمًا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي أَجْوَدَ مِنْهَا وَلَا فِي أَطْوَلَ
وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ أَنْ يَسْتَرْجِعَ دِرْهَمًا فِي أَدْوَنَ وَلَا أَكْثَرَ لِأَنَّهُ بِيعَ لَهُ قَبْلَ قبضه
وهو أَيْضًا مِنْ بَابٍ يَتَعَيَّنُ فِي بَيْعِهِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي الثَّوْبِ وَلَوْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا لَمْ يَجُزْ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْمَكِيلِ وَلَا الْمَوْزُونِ أَيْضًا
وَقَالَ مَالِكٌ يَجُوزُ فِي الثَّوْبِ أَنْ يُؤْخَذَ أَطْوَلَ وَيَزِيدُهُ دِرْهَمًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ دُونَ ثَوْبِهِ وَيَسْتَرْجِعَ شَيْئًا
وَالْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ الَّذِي لَا يُؤْكَلُ وَلَا يُشْرَبُ عِنْدَهُ كَالثِّيَابِ
وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ الْأَطْوَلِ وَالزِّيَادَةِ وَبَيْنَ الْأَدْوَنِ وَالنُّقْصَانِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الْجِنْسِ مِنَ الْجِنْسِ صَفْقَةٌ أُخْرَى فَهُمَا صَفْقَتَانِ فِي وَقْتَيْنِ جَائِزَتَانِ
وَأَمَّا إِذَا أَخَذَ الْأَدْوَنَ وَاسْتَرْجَعَ شَيْئًا قَبْلَ حِلِّهِ فَيَدْخُلُهُ عِنْدَهُ ذَهَبٌ وَعِوَضٌ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ
وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ عَلَى أَصْلِ مَالِكٍ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ هُمَا جَمِيعًا مَكْرُوهَانِ لِأَنَّهُ صَرْفُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِهِ وَبَيْعَتَانِ فِي بَيْعَةٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ لِلْكُوفِيِّينَ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِأَنْ يَأْخُذَ ابْنَةَ لَبُونٍ