للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْوَزْنَ عِنْدَهُمْ فِيمَا لَا يُؤْكَلُ وَلَا يُشْرَبُ كَالْجِنْسِ مِنَ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ يَحْرُمُ النَّسِيئَةُ فِيهِ فَإِنِ اخْتَلَفَ الْجِنْسَانِ حَرُمَتِ النَّسِيئَةُ فِيهِمَا دُونَ التَّفَاضُلِ وَأَمَّا التَّفَاضُلُ فَلَا يَحْرُمُ إِلَّا بِاجْتِمَاعِ الْجِنْسِ أَوِ الْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يَجُوزُ الْحَدِيدُ بِالْحَدِيدِ وَلَا الصُّفْرُ بِالصُّفْرِ وَلَا النُّحَاسُ بِالنُّحَاسِ إِلَّا وَاحِدًا بِوَاحِدٍ وَلَا يَجُوزُ نَسِيئَةً

وَأَجَازُوا سِكِّينًا بِسِكِّينٍ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ خَرَجَ مِنْ أَنْ يُبَاعَ وَزْنًا

وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمْ حُكْمُ كُلِّ آنِيَةٍ تُصْنَعُ مِنَ الْحَدِيدِ وَغَيْرِهِ

وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ وَلَا عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ

وَهَذَا تُرِكَ مِنْهُمْ لِلْقِيَاسِ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ لَمَّا انْعَقَدَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَالْعَيْنِ وَالتِّبْرُ مِنَ الذَّهَبِ وَآنِيَةُ الْفَضَّةِ كَالتِّبْرِ وَالْعَيْنِ مِنَ الْفِضَّةِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَا خَرَجَ مِنَ الصَّنْعَةِ فِي الْحَدِيدِ وَمِنَ النُّحَاسِ وَمِنَ الصُّفْرِ وَكَالْحَدِيدِ وَكَالنُّحَاسِ وَكَالصُّفْرِ وَخِلَافُ هَؤُلَاءِ فِي آنِيَةِ الْحَدِيدِ بِالْحَدِيدِ كَخِلَافِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْفُلُوسِ

ونذكر ها هنا اخْتِلَافَهُمْ فِي الْفُلُوسِ مُلَخَّصًا بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى

قَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُ فَلْسٍ بِفَلْسَيْنِ يدا بيد فجعل الفلوس ها هنا كَالذَّهَبِ أَوْ كَالْفِضَّةِ وَقَالَ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْفُلُوسِ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فَإِنْ لَمْ يَتَقَايَضَا جَمِيعًا حَتَّى افْتَرَقَا فَأَكْرَهُهُ وَأَفْسَخُ الْبَيْعَ فِيهِ وَلَا أُرَاهُ كَتَحْرِيمِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ

وَقَوْلُ عُبَيْدِ اللَّهِ بن الحسن في بيع بِفَلْسَيْنِ كَقَوْلِ مَالِكٍ

وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ فَلْسٍ بِفَلْسَيْنِ

وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ

وَزَادَ الشَّافِعِيُّ فَأَجَازَ السَّلَمَ فِي الْفُلُوسِ وَلَا ربا عنده في عين الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالْمَأْكُولِ كُلِّهِ وَالْمَشْرُوبِ لَا فِي نَسِيئَةٍ وَلَا فِي تَفَاضُلٍ

وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُدَ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَنِ ابْتَاعَ الْفُلُوسَ بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَقَبَضَ أَحَدَهُمَا فَافْتَرَقَا قَبْلَ قَبْضِ الْآخَرِ لَمْ يَبْطُلِ الْعَقْدُ

قَالَ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ وَاحِدًا مِنْهُمَا حَتَّى افْتَرَقَا بَطُلَ الْعَقْدُ لَيْسَ لِأَنَّهُ فَرْقٌ وَلَكِنْ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَنٌ فَصَارَ دَيْنًا بِدَيْنٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>