قَالَ وَإِنْ كَانَ الْآبِقُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ عَلِمَ الْبَائِعُ حَالَهُ جَازَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ قَدْ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ فَجَائِزٌ مِنْ أَنْ يَعْرِفَ الْبَائِعُ حَالَهُ كَمَا يَعْرِفُ الْمُشْتَرِي
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَالثَّوْرِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْآبِقِ عَلَى حَالٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ لِأَنَّ بَيْعَ الْأَعْيَانِ غَائِبُهُ لَا يَجُوزُ وُصِفَتْ أَوْ لَمْ تُوصَفْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ بَيْعُ الْمَوْصُوفِ إِلَّا مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ
وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ مَنِ اشْتَرَى شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ مُعَيَّنًا وَاشْتَرَطَ أَلَّا يُسَلِّمَهُ إِلَّا بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ نَحْوِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْآبِقِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي يَدِ مُشْتَرِيهِ
وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْعَبْدِ الْآبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ وَإِنْ هَلَكَ فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي هَلَاكِهِ فَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ هَلَكَ قَبْلَ عَقْدِ الشِّرَاءِ وَكَذَلِكَ الْمُبْتَاعُ كُلُّهُ عِنْدَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ مَرْدُودٌ بِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَلَا حُجَّةَ لِأَحَدٍ فِي جَهْلِ السُّنَّةِ وَلَا فِي خِلَافِهَا وَقَدْ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ مُبْتَاعَ الْعَبْدِ الْآبِقِ وَالْجَمَلِ الشَّارِدِ وَإِنِ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ الثَّمَنَ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْهُ قَدَرَ عَلَى الْعَبْدِ أَوِ الْجَمَلِ وَلَمْ يَقْدِرْ أَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ مَرْدُودٌ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ شِرَاءِ الْعَبْدِ وَهُوَ آبِقٌ وَعَنْ شِرَاءِ مَا فِي بُطُونِ الْأَنْعَامِ حَتَّى تَضَعَ وَعَنْ شِرَاءِ مَا فِي ضُرُوعِهَا إِلَّا بِكَيْلٍ وَعَنْ شِرَاءِ الْغَنَائِمِ حَتَّى تُقْسَمَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفُوا مِمَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَيْعِ لَبَنِ الْغَنَمِ أَيَّامًا
فَقَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إِذَا عَرَفَ حِلَابَهَا وَلَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فِي الشَّاةِ الْوَاحِدَةِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَسَائِرُ الْفُقَهَاءِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إِلَّا بِكَيْلٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يُجِيزُوا بَيْعَ لَبَنِ الْغَنَمِ فِي ضُرُوعِهَا لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ بَيْعُ عَيْنٍ غَيْرِ مَرْئِيَّةٍ وَلَا مَعْلُومٍ مَبْلَغُهَا وَقَدْرُهَا لِأَنَّهَا قَدْ تَزِيدُ وَتَنْقُصُ عَلَى قَدْرِ الْمَرْعَى وَالسَّلَامَةِ مِنَ الْآفَاتِ وَإِنْ كَانَ أَيَّامًا فَهُوَ بَيْعُ شَيْءٍ غَيْرِ مَخْلُوقٍ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ الطَّاوِي مِنَ اللَّبَنِ بَعْدَ الْعَقْدِ