وَلَا الشَّدِّ وَلَا النَّفَقَةَ وَلَا كِرَاءَ بَيْتٍ فَأَمَّا كِرَاءُ الْبَزِّ فِي حُمْلَانِهِ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ فِي أَصْلِ الثَّمَنِ وَلَا يُحْسَبُ فِيهِ رِبْحٌ إِلَّا أَنْ يُعْلِمَ الْبَائِعُ مَنْ يُسَاوِمُهُ بِذَلِكَ كُلِّهِ فَإِنْ رَبَّحُوهُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ
قَالَ مَالِكٌ فَأَمَّا الْقِصَارَةُ وَالْخِيَاطَةُ وَالصِّبَاغُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَزِّ يُحْسَبُ فِيهِ الرِّبْحُ كَمَا يُحْسَبُ فِي الْبَزِّ فَإِنْ بَاعَ الْبَزَّ وَلَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا مِمَّا سَمَّيْتُ إِنَّهُ لَا يُحْسَبُ لَهُ فِيهِ رِبْحٌ فَإِنْ فَاتَ الْبَزُّ فَإِنَّ الْكِرَاءَ يُحْسَبُ وَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ رِبْحٌ فَإِنْ لَمْ يَفُتِ الْبَزُّ فَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ مِمَّا يَجُوزُ بَيْنَهُمَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كُلُّهُ لِمَنْ بَاعَ مُرَابَحَةً لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ أَوْ لِلدِّينَارِ دِرْهَمٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ
وَمَنْ بَاعَ السِّلْعَةَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ فِي جَمِيعِ ثَمَنِهَا كُلًّا فَإِنَّهُ يَحْسِبُ فِيهَا مَا كَانَ لِدَنَانِيرِهِ فِي عَيْنِ السِّلْعَةِ كَالصَّبْغِ وَالْخِيَاطَةِ وَالْقِصَارَةِ وَلَهُ أَنْ يُعَرِّفَهُ بِكُلِّ مَا قَامَتْ عَلَيْهِ السِّلْعَةُ مِنْ كِرَاءٍ فَأَخَذَهُ سِمْسَارٌ وَطَيٍّ وَشَدٍّ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنْ رَضِيَ فَأَخَذَ السِّلْعَةَ عَلَى ذَلِكَ وَأَرْبَحَهُ عَلَيْهِ طَابَ ذَلِكَ لَهُ
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَلَمْ أَجِدْ في كتبه جوابا في هذه الْمَسْأَلَةِ لَا فِي كِتَابِ الْمُزَنِيِّ وَلَا فِي كِتَابِ ((الْبُوَيْطِيِّ)) إِلَّا أَنَّ مِنْ قَوْلِهِ إِنَّ كُلَّ مَا كَانَ صَلَاحًا لِلْمُبْتَاعِ مِمَّا هُوَ عَيْنٌ قَائِمَةٌ فِيهِ أَوْ أَمْرٌ لَهُ قِيمَةٌ فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ نَفْسِ الْمُبْتَاعِ وَقَوْلُهُ مِثْلُ مَا قَالَهُ أَبُو ثَوْرٍ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا اشْتَرَى مَتَاعًا فَلَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ مَا أَنْفَقَ فِي الْقِصَارَةِ وَالْخِيَاطَةِ وَالْكِرَاءِ وَيُلْحِقُ بِالرَّقِيقِ الْكِسْوَةَ وَالنَّفَقَةَ وَكَذَلِكَ أَجْرُ السِّمْسَارِ وَيَقُولُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا
وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُهُ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يرفع فيه كراؤه وَنَفَقَتَهُ ثُمَّ يَبِيعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مُرَابَحَةً
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ الَّذِي نَقُولُ بِهِ أَنَّ الْمُرَابَحَةَ لا تجوز إلا على الثمن الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ وَلَكِنَّهُ إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَحْسِبَ جَمِيعَ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ وَمَا لَزِمَهُ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ لَمْ يَقُلْ قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ جَائِزٌ وَلَا يَقُلِ اشْتَرَيْتُهُ بِكَذَا وَكَذَا فَيَكُونُ فَإِنْ بَاعَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute